للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٠ - قبح التقليد وذم المقلدين (١).

قال تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ (١٧٠)} البقرة: ١٧٠.

قال الشوكاني -رحمه الله-: (وفي هذه الآية من الذم للمقلدين، والنداء بجهلهم الفاحش، واعتقادهم الفاسد ما لا يقادر قدره. ومثل هذه الآية قوله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ (١٠٤)} [المائدة: ١٠٤]. وفي ذلك دليل على قبح التقليد والمنع منه) (٢).

[الدراسة]

استنبط الشوكاني -رحمه الله- من الآية قبح التقليد والمنع منه، وذم المقلدين (٣).

ووجه الاستنباط: أن الله ذم الكفار وأنكر عليهم امتناعهم من قبول الحق، وزهدهم في الإيمان بالأنبياء؛ لأجل تقليد آبائهم في ذلك؛ فكأنه نهاهم عن التقليد، وأمرهم بالتمسك بالحجة؛ فدل بمفهوم الموافقة على ذم المقلدين، والمنع من التقليد، وإبطاله.

أو يمكن القول بأن وجه الاستنباط: أن الله تعالى ذم الكفار في تقليد آبائهم في دينهم؛ فدل ذلك بدلالة الاعتبار بقصص السابقين على إبطال التقليد (٤).

قال الرازي: (إنما ذكر تعالى هذه الآية عقيب الزجر عن اتباع خطوات الشيطان؛ تنبيها على أنه لا فرق بين متابعة وساوس الشيطان وبين متابع التقليد. وفيه أقوى دليل على وجوب النظر والاستدلال، وترك التعويل على ما يقع في الخاطر من غير دليل، أو على ما يقوله الغير من غير دليل) (٥). فوجه استنباطه لمنع التقليد من المناسبة بين هذه الآية وما قبلها.

وممن قال بإبطال التقليد: ابن عطية، وابن الفرس، والرازي، والبيضاوي، وأبو حيان، والطوفي، والسيوطي، والآلوسي، والقنوجي، وابن بدران. (٦).


(١) وهو استنباط أصولي.
(٢) فتح القدير ج ١/ ص ١٦٧، ١٦٨.
(٣) واستنبط مثله من عند الآية ٢٢ من سورة البقرة: ٢٢.
(٤) انظر: منهج الاستنباط من القرآن الكريم ص ١٧٥.
(٥) التفسير الكبير ج ٥/ ص ٧.
(٦) انظر: المحرر الوجيز ص ١٥٣، وأحكام القرآن ج ١/ ص ١٣٠، و التفسير الكبير ج ٥/ ص ٧، وأنوار التنزيل ج ١/ ص ٤٤٧، والبحر المحيط ج ١/ ص ٦٨٣، والإشارات الإلهية ج ١/ ص ٣٠٥، والإكليل ج ١/ ص ٣٣٤، وروح المعاني ج ٢/ ص ٤١، وفتح البيان ج ١/ ص ٣٧٣، وجواهر الأفكار ص ٤٤٣.

<<  <   >  >>