للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الثاني: تقدم في قوله: {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} بيان أن المشركة دون المؤمنة، فيكون تفسير الأمة بالحرة تكرارا، والتأسيس أولى من التأكيد.

الثالث: لم يرد في كلام العرب إطلاق الأمة على مطلق المرأة إلا مقيدا بالإضافة إلى اسم الجلالة في قولهم: يا أمة الله.

قال ابن عاشور: ووقع في الكشاف (١) حمل الأمة على مطلق المرأة، لأن الناس كلهم إماء الله وعبيده، وهذا باطل من جهة المعنى، ومن جهة اللفظ، أما المعنى فلأنه يصير تكرارا مع قوله: {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} إذ قد علم الناس أن المشركة دون المؤمنة، وبقيت المقصود من التنبيه على شرف أقل أفراد أحد الصنفين على أشرف أفراد الصنف الآخر. وأما من جهة اللفظ؛ فلأنه لم يرد في كلام العرب إطلاق الأمة على مطلق المرأة، ولا إطلاق العبد على الرجل إلا مقيدين بالإضافة إلى اسم الجلالة في قولهم: يا عبد الله، ويا أمة الله، وكون الناس إماء الله وعبيده إنما هو نظر للحقائق لا للاستعمال، فكيف يُخَرَّج القرآن عليه (٢).

وممن قال بهذا الاستنباط: البقاعي، والآلوسي، والقنوجي، وابن عاشور. (٣). …

٢٥ - في معاشرة المشركين ومصاحبتهم من الخطر العظيم ما لا يجوز للمؤمنين أن يتعرضوا له (٤).

قال تعالى: {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (٢٢١)} البقرة: ٢٢١.

قال الشوكاني -رحمه الله-: ({يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ} أي إلى الأعمال الموجبة للنار؛ فكان في مصاهرتهم ومعاشرتهم ومصاحبتهم من الخطر العظيم ما لا يجوز للمؤمنين أن يتعرضوا له ويدخلوا فيه) (٥).


(١) ج ١/ ص ٢٩٢.
(٢) انظر: التحرير والتنوير ج ٢/ ص ٣٤٣، ٣٤٤.
(٣) انظر: نظم الدرر ج ١/ ص ٤٢٠، وروح المعاني ج ٢/ ص ١١٩، وفتح البيان ج ١/ ص ٤٤٥، والتحرير والتنوير ج ٢/ ص ٣٤٣.
(٤) وهو استنباط فقهي.
(٥) فتح القدير ج ١/ ص ٢٢٤.

<<  <   >  >>