للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

[ثالثا: الرازي]

تأثر الشوكاني باستنباطات الرازي كثيرا، وفي بعض الاستنباطات تكاد عبارة الشوكاني تكون هي عبارة الرازي، ومن أمثلة ذلك:

١ - في قوله تعالى: {قَيِّمًا لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ … الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا (٢) مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا (٣) وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا (٤)} [الكهف: ٢ - ٤] قال الرازي: (اعلم أن قوله تعالى: {وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا (٤)} معطوف على قوله: {لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ}، والمعطوف يجب كونه مغايرا للمعطوف عليه، فالأول عام في حق كل من استحق العذاب، والثاني خاص بمن أثبت لله ولدا، وعادة القرآن جارية بأنه إذا ذكر قضية كلية عطف عليها بعض جزئياتها تنبيها على كونه أعظم جزئيات ذلك الكلي، كقوله تعالى: {وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ} [البقرة: من الآية ٩٨]، فكذا هاهنا العطف يدل على أن أقبح أنواع الكفر والمعصية إثبات الولد لله تعالى) (١).

وقال الشوكاني -رحمه الله-: ({وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا (٤)} وهم اليهود، والنصارى، وبعض كفار قريش القائلون بأن الملائكة بنات الله. فذكر سبحانه أولا قضية كلية وهي إنذار عموم الكفار، ثم عطف عليها قضية خاصة هي بعض جزئيات تلك الكلية تنبيها على كونها أعظم جزئيات تلك الكلية؛ فأفاد ذلك أن نسبة الولد إلى الله سبحانه أقبح أنواع الكفر) (٢).

٢ - في قوله تعالى: {قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا (١٠)} [مريم: ١٠] مع وقوله: {قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزًا وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ (٤١)} [آل عمران: ٤١] قال الرازي: (قال في آل عمران: {أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا (١٠) وقال ههنا: {ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا (١٠) وجوابه: دلت الآيتان على أن المراد ثلاثة أيام بلياليهن) (٣).


(١) التفسير الكبير ج ٢١/ ص ٦٦.
(٢) فتح القدير ج ٣/ ص ٢٦٩. وانظر: الاستنباط رقم: ١٣٧.
(٣) التفسير الكبير ج ٢١/ ص ١٦٦.

<<  <   >  >>