للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

بعبارة النص (١)، فلا يكون هذا استنباطا.

والأول -والله أعلم- أظهر؛ لأنه لو كان المراد من الزينة موقعها للزم أن يحل للأجانب النظر إلى ما ظهر من مواقع الزينة الظاهرة، وهذا باطل؛ لأن كل بدن عورة لا يحل لغير الزوج والمحرم النظر إلى شيء منها إلا لضرورة كالمعالجة، وتحمل الشهادة (٢).

وفي هذا الاستنباط حث على التستر والتصون. قال الزمخشري: (وذكر الزينة دون مواقعها للمبالغة في الأمر بالتصون والتستر؛ لأن هذه الزينة واقعة على مواضع من الجسد لا يحل النظر إليها لغير هؤلاء، وهي الذراع، والساق، والعضد، والعنق، والرأس، والصدر، والأذن، فنهى عن إبداء الزينة نفسها ليعلم أن النظر إذا لم يحل إليها لملابستها تلك المواقع بدليل أن النظر إليها غير ملابسة لها لا مقال في حله؛ كان النظر إلى المواقع أنفسها متمكنا في الحظر، ثابت القدم في الحرمة، شاهد على أن النساء حقهن أن يحتطن في سترها، ويتقين الله في الكشف عنها) (٣).

١٥٨ - المرأة لا تُنكِح نفسها (٤).

قال تعالى: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى (٥) مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (٣٢)} النور: ٣٢

قال الشوكاني -رحمه الله-: (والخطاب في الآية للأولياء. وقيل: للأزواج، والأول أرجح. وفيه دليل على أن المرأة لا تنكح نفسها. وقد خالف في ذلك أبو حنيفة) (٦).

[الدراسة]

استنبط الشوكاني (٧) -رحمه الله- المرأة لا تُنْكِح نفسها، أي لابد من ولي (٨) لها.


(١) حكاه الآلوسي في روح المعاني ج ١٨/ ص ١٤٠.
(٢) انظر: روح المعاني ج ١٨/ ص ١٤٠.
(٣) الكشاف ج ٣/ ص ٢٣٥.
(٤) وهو استنباط فقهي.
(٥) قال ابن جزي: (الأيامى جمع أيم، ومعناه: الذين لا أزواج لهم، رجالا كانوا أو نساء، أبكارا أو ثيبات، والخطاب هنا للأولياء، والحكام). التسهيل لعلوم التنزيل ج ٣/ ص ٦٦.
(٦) فتح القدير ج ٤/ ص ٢٨.
(٧) واستنبط غيره من الآية استنباطات أخرى، منها:
١) أن الأيامى من غير المسلمين ليسوا كذلك في الحكم، قال الشنقيطي: (ويفهم من دليل الخطاب أي مفهوم المخالفة في قوله: {مِنْكُمْ} أن الأيامى من غيركم أي: من غير المسلمين وهم الكفار ليسوا كذلك). أضواء البيان ج ٤/ ص ١١٠.
٢) النكاح مجلبة للرزق. انظر: الإكليل ج ٣/ ص ١٠٣٠.
(٨) قال الشوكاني: (المراد بالولي هو الأقرب من العصبة من النسب، ثم من السبب، ثم من عصبته، وليس لذوي السهام، ولا لذوي الأرحام ولاية وهذا مذهب الجمهور). نيل الأوطار ج ٦/ ص ٢٥١.

<<  <   >  >>