للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

تعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (١٦٩)} (١) (٢).

[الدراسة]

استنبط الشوكاني -رحمه الله- من الآية ثبوت عذاب القبر.

ووجه الاستنباط: أن الآية أثبتت الحياة للشهداء، وهي بلا شك حياة في القبور قبل البعث، إذ لو كان المقصود سيحيون؛ لم يكن بين الشهداء وبين غيرهم فرق، إذ كل أحد سيحيى، وإذا كان الله تعالى يحييهم بعد الموت ليرزقهم؛ فيجوز أن يحيي الكفار ليعذبهم، ويكون فيه دليل على عذاب القبر (٣) بدلالة الالتزام.

وممن قال بهذا الاستنباط: الجصاص، وإلكيا الهراسي، وابن الفرس، والقرطبي، والخازن (٤)، والقنوجي، والسعدي. (٥).

١٧ - جواز كتمان ما ليس من الهدى والبينات (٦).

قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ (١٥٩)} البقرة: ١٥٩.

قال الشوكاني -رحمه الله-: (وفي قوله: {مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى} دليل على أنه يجوز كتم غير ذلك، كما قال أبو هريرة -رضي الله عنه-: "حفظت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعاءين، أما أحدهما فبثثته، وأما الآخر فلو بثثته قطع هذا البلعوم أخرجه البخاري (٧) (٨).

[الدراسة]

استنبط الشوكاني (٩) -رحمه الله- من الآية جواز كتمان ما ليس من الهدى والبينات.


(١) آل عمران: ١٦٩.
(٢) فتح القدير ج ١/ ص ١٥٩.
(٣) انظر: أحكام القرآن للجصاص ج ١/ ص ١١٥، والجامع لأحكام القرآن ج ٢/ ص ١٦٨، ١٦٩.
(٤) هو علي بن محمد، عالم بالتفسير والحديث، من فقهاء الشافعية، لقب بالخازن لأجل قيامه على خزانة الكتب بدمشق، توفي سنة ٧٤١ هـ. انظر: طبقات المفسرين للداودي ج ١/ ص ٤٢٢، ومعجم المفسرين ج ١/ ص ٣٧٩.
(٥) انظر: أحكام القرآن للجصاص ج ١/ ص ١١٥، وأحكام القرآن للهراسي ج ١/ ص ٢٣، وأحكام القرآن لابن الفرس ج ١/ ص ١٢٠، والجامع لأحكام القرآن ج ٢/ ص ١٦٨، ولباب التأويل ج ١/ ص ١٠٣، وفتح البيان ج ١/ ص ٣١٨، وتيسير الكريم الرحمن ص ٧٥.
(٦) وهو استنباط فقهي، أو استنباط تربوي لتعلقه بالأدب في العلم.
(٧) كتاب: العلم، باب: حفظ العلم، ح: ١٢٠، ج ١/ ص ٥٦.
(٨) فتح القدير ج ١/ ص ١٦١.
(٩) واستنبط بعض المفسرين من الآية استنباطات أخرى، منها:
١) قبول خبر الواحد. ووجهه: أن هذه الآيات دلت على أن إظهار هذه الأحكام واجب، ولو لم يجب العمل بها لم يكن إظهارها واجبا، وتمام التقرير فيه قوله تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا} [البقرة ١٦٠] فحكم بوقوع البيان بخبرهم. انظر: أحكام القرآن للجصاص ج ١/ ص ١٢٤، وأحكام القرآن للكيا الهراسي ج ١/ ص ٢٥، وأحكام القرآن لابن الفرس ج ١/ ص ١٢٦، والبحر المحيط ج ١/ ص ٦٥٥، وروح المعاني ج ٢/ ص ٢٨.
٢) قال السيوطي: وقد يستدل بالآية على عدم وجوب ذلك -البيان- على النساء بناء على أنهن لا يدخلن في خطاب الرجال. الإكليل ج ١/ ص ٣٣١.
٣) منع أخذ الأجرة على بيان العلم. ووجهه: أن الآية لما دلت على وجوب البيان؛ كان أخذ الأجرة عليه أخذا للأجرة على أداء الواجب، وغير جائز استحقاق الأجر على ما يجب عليه فعله. انظر: أحكام القرآن للجصاص ج ١/ ص ١٢٥، وأحكام القرآن للكيا الهراسي ج ١/ ص ٢٥، وأحكام القرآن لابن الفرس ج ١/ ص ١٢٦، وزاد المسير لابن الجوزي ج ١/ ص ١٦٥.
٤) جواز لعن الكافر بعد موته. انظر: فتح البيان ج ١/ ص ٣٢٣. ووجهه: أن الله تعالى قال:؛ فدل على الأمر بلعنهم.
واستنباطات أخرى ذكرها ابن عثيمين في تفسيره ج ٢/ ص ١٩٠ - ١٩٥.

<<  <   >  >>