للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

[سورة الفجر]

٢١٥ - ما أحله الله بقوم عاد وثمود وفرعون في الدنيا من العذاب العظيم هو قليل بالنسبة إلى ما أعده لهم في الآخرة (١).

قال تعالى: {فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ (١٣)} الفجر: ١٣.

قال الشوكاني -رحمه الله-: (وذكر السوط إشارة إلى أن ما أحله بهم في الدنيا من العذاب العظيم هو بالنسبة إلى ما أعده لهم في الآخرة كالسوط إذا قيس إلى سائر ما يعذب به. وقيل: ذكر السوط للدلالة على شدة ما نزل بهم، وكان السوط عندهم هو نهاية ما يعذب به … فجرى لكل عذاب إذا كان فيه عندهم غاية العذاب (٢). وقيل: معناه عذاب يخالط اللحم والدم، من قولهم: ساطه يسوطه سوطا أي: خلطه، فالسوط خلط الشيء بعضه ببعض (٣) … ) (٤).

[الدراسة]

استنبط الشوكاني-رحمه الله- أن ما أحله الله بقوم عاد وثمود وفرعون في الدنيا من العذاب العظيم هو بالنسبة إلى ما أعده لهم في الآخرة كالسوط إذا قيس إلى سائر ما يعذب به.

ووجه الاستنباط: أن الله تعالى لما ذكر عذابه لهم في الدنيا ذكره بلفظ سوط، وهو وإن دل على الكثرة والتتابع إلا أن مناسبة ذكر هذا اللفظ دون غيره دالة على أن ما حل بهم من عذاب هو قليل بالنسبة إلى ما أعده لهم في الآخرة، فهو كالسوط إذا قيس إلى سائر ما يعذب به.

قال الرازي: (وذكر السوط إشارة إلى أن ما أحله بهم في الدنيا من العذاب العظيم بالقياس إلى ما أعد لهم في الآخرة كالسوط إذا قيس إلى سائر ما يعذب به) (٥).

وقال البيضاوي: (وقيل: شبه بالسوط ما أحل بهم في الدنيا إشعارا بأنه القياس إلى ما أعد لهم في الآخرة من العذاب كالسوط إذا قيس إلى السيف) (٦).

وممن قال بهذا الاستنباط: الزمخشري، والرازي، وأبو السعود، والبروسوي، والقنوجي. (٧).


(١) وهو استنباط في قصص القرآن (قصص الأنبياء).
(٢) ذكره السمعاني في تفسير القرآن العزيز ج ٦/ ص ٢٢٠.
(٣) قال به البيضاوي في أنوار التنزيل ج ٥/ ص ٤٨٨. وقال البغوي: (قال أهل المعاني هذا على الاستعارة؛ لأن السوط عندهم غاية العذاب، فجرى ذلك لكل نوع من العذاب). انظر: معالم التنزيل ج ٤/ ص ٤٨٤.
(٤) فتح القدير ج ٥/ ص ٤٣٦.
(٥) التفسير الكبير ج ٣١/ ص ١٥٣.
(٦) أنوار التنزيل ج ٥/ ص ٤٨٨.
(٧) انظر: الكشاف ج ٤/ ص ٧٥١، ٧٥٢، والتفسير الكبير ج ٣١/ ص ١٥٣، وإرشاد العقل السليم ج ٩/ ص ١٥٥، وروح البيان ج ١٠/ ص ٤٣٣، وفتح البيان ج ١٥/ ص ٢٢٥، ٢٢٦.

<<  <   >  >>