للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

[سورة الأنعام]

٧١ - للمسلم أن يحمد الله تعالى على هلاك الظَّلَمَة الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون (١).

قال تعالى: {فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٤٥)} الأنعام: ٤٥.

قال الشوكاني -رحمه الله-: (قوله: {وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٤٥)} أي: على هلاكهم. وفيه تعليم للمؤمنين كيف يحمدونه سبحانه عند نزول النعم التي من أجلها هلاك الظلمة الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون، فإنهم أشد على عباد الله من كل شديد. اللهم أرح عبادك المؤمنين من ظلم الظالمين، واقطع دابرهم، وأبدلهم بالعدل الشامل لهم) (٢).

[الدراسة]

استنبط الشوكاني من الآية أن للمسلم أن يحمد الله تعالى على هلاك الظلمة الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون.

ووجه الاستنباط: أن الله تعالى جل في علاه حمد نفسه بعد إهلاكه الظالمين؛ فدل ذلك بدلالة الاقتداء بأفعال الله تعالى على أن للمسلم أن يحمد الله تعالى على هلاك الظلمة الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون.

قال الزمخشري: ({وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٤٥)} إيذان بوجوب الحمد عند هلاك الظلمة، وأنه من أجل النعم) (٣).

وممن قال بهذا الاستنباط: الزمخشري-كما تقدم- والآلوسي، والقنوجي، والقاسمي، وابن عاشور، ومحمد أبو زهرة. (٤).

ومما يدل على هذا المعنى المستنبط قوله تعالى: {وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ (٥٨) قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ (٥٩)} [النمل: ٥٨ - ٥٩]

عند من يقف على قوله تعالى: {وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ (٥٨) قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى} (٥) فيكون الحمد على إهلاك المتقدم ذكرهم من الطاغين.


(١) وهو استنباط في الدعوات والذكر.
(٢) فتح القدير ج ٢/ ص ١١٦.
(٣) الكشاف ج ٢/ ص ٢٤.
(٤) انظر: الكشاف ج ٢/ ص ٢٤، وروح المعاني ج ٧/ ص ١٥٢، وفتح البيان ج ٤/ ص ١٤٣، ومحاسن التأويل ج ٤/ ص ٣٦٢، والتحرير والتنوير ج ٦/ ص ١٠٣، وزهرة التفاسير ج ٥/ ص ٢٥٠٢.
(٥) قال النحاس: الوقف على {وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى} تمام عند نافع، وأحمد بن موسى، وأبي حاتم. انظر: القطع والائتناف ص ٣٨٢. وعند الأشموني هو وقف حسن. انظر: منار الهدى ص ٥٧٣.

<<  <   >  >>