للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

[الدراسة]

استنبط الشوكاني (١) من الآية أن المهارة في علم الخير سبب للفوز بالسعادة.

ووجه الاستنباط: أن السحرة علموا أن الذي جاء به موسى -عليه السلام- خارج عن طوق البشر، وأنه من فعل الله سبحانه، فوصلوا بالشر الذي كانوا عليه من المهارة في علم السحر إلى الخير، فكانت مهارتهم تلك سببا لفوزهم بالسعادة؛ فدل بدلالة تأمل قصص الأنبياء، والاعتبار بقصص السابقين على أن المهارة في علم الخير أولى بأن تكون سببا للفوز بالسعادة.

قال الشنقيطي: (واعلم أن علم السحر مع خسته، وأن الله صرح بأنه لا يضر ولا ينفع قد كان سببا لإيمان سحرة فرعون؛ لأنهم لمعرفتهم بالسحر عرفوا أن معجزة العصا خارجة عن طور السحر، وأنها أمر إلهي، فلم يداخلهم شك في ذلك، فكان ذلك سببا لإيمانهم الراسخ الذي لا يزعزعه الوعيد والتهديد، ولو كانوا غير عالمين بالسحر جدا لأمكن أن يظنوا أن مسألة العصا من جنس الشعوذة، والعلم عند الله تعالى) (٢).

وممن قال بهذا الاستنباط: القنوجي، وأبو بكر الجزائري. (٣). وذكره الرازي، وأبو حيان في تفسيريهما. (٤).

وفي هذا الاستنباط حث على أن يتقن المرء العلوم النافعة، فإن العلم سبب الهداية، فإيمان السحرة كان ثمرة العلم، إذ عرفوا أن ما جاء به موسى ليس سحراً وإنما هو آية له من الله فآمنوا (٥).

٨٠ - مناسبة تخصيص هارون -عليه السلام- الأم بالإضافة في مناداته لموسى -عليه السلام- مع كونه أخاه من أبيه وأمه؛ لأنها كلمة لين وعطف، وللتنبيه على أن أمهما كانت مؤمنة (٦).

قال تعالى: {وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الْأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلَا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاءَ وَلَا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (١٥٠)}


(١) واستنبط غيره من قوله تعالى: {وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ (١٢٠)} أن فعل العبد خلق الله تعالى. ووجهه: أن قوله تعالى: {وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ (١٢٠)} دال على أن غيرهم ألقاهم ساجدين، وما ذاك إلا الله رب العالمين، فهذا يدل على أن فعل العبد خلق الله تعالى. انظر: التفسير الكبير ج ١٤/ ص ١٦٨.
(٢) أضواء البيان ج ٣/ ص ٤٥.
(٣) انظر: فتح البيان ج ٤/ ص ٤٣٣، وأيسر التفاسير ص ٤٠٥.
(٤) انظر: التفسير الكبير ج ١٤/ ص ١٦٨، والبحر المحيط ج ٤/ ص ٤٦٢.
(٥) انظر: أيسر التفاسير ص ٤٠٥.
(٦) وهو استنباط في علوم القرآن (لتعلقه بمناسبة اللفظ، وبقصص الأنبياء)، وهو أيضا استنباط فائدة علمية.

<<  <   >  >>