للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

المبحث الأول:

الاستنباط بدلالة النص (مفهوم الموافقة)

[تعريف مفهوم الموافقة]

بينه الشوكاني بقوله: حيث يكون المسكوت عنه موافقا للملفوظ به، فإن كان أولى بالحكم من المنطوق به فيسمى فحوى الخطاب، وإن كان مساويا فيسمى لحن الخطاب (١).

فتبين أن من أسماء مفهوم الموافقة: فحوى الخطاب، ولحن الخطاب.

ويسمى أيضا: مفهوم الخطاب (٢).

وتنبيه الخطاب (٣).

ودلالة الدلالة (٤).

والحنفية يسمونه دلالة النص (٥).

[أمثلة لاستنباط الشوكاني بدلالة مفهوم الموافقة]

[المثال الأول]

ما استنبطه الشوكاني من قوله تعالى: {وَآمِنُوا بِمَا أَنْزَلْتُ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ … بِهِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ (٤١)} [البقرة: ٤١] حيث قال -رحمه الله-: (وهذه الآية وإن كانت خطابا لبني إسرائيل ونهيا لهم فهي متناولة لهذه الأمة بفحوى الخطاب أو بلحنه، فمن أخذ من المسلمين رشوة على إبطال حق أمر الله به، أو إثبات باطل نهى الله عنه، أو امتنع من تعليم ما علمه الله، وكتم البيان الذي أخذ الله عليه ميثاقه به؛ فقد اشترى بآيات الله ثمنا قليلا) (٦).

[المثال الثاني]

ما استنبطه الشوكاني من قوله تعالى: {وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا … مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (٧٥)} [آل عمران: ٧٥] حيث قال -رحمه الله-: (ومعنى الآية: أن أهل الكتاب فيهم الأمين الذي يؤدي أمانته وإن كانت كثيرة، وفيهم الخائن الذي لا يؤدي أمانته وإن كانت حقيرة. ومن كان أمينا في الكثير فهو في القليل أمين بالأولى، ومن كان خائنا في القليل فهو في الكثير خائن بالأولى) (٧).


(١) إرشاد الفحول ص ٤٠٣. وتعريفات العلماء في ذلك متقاربة انظر: الإحكام في أصول الأحكام للآمدي ج ٣، ص ٧٤، وروضة الناظر ج ٢، ص ٢٢٦، ومذكرة أصول الفقه للشنقيطي ص ٣٨٢، وأمالي الدلالات ج ١، ص ١٣٦، ١٣٧.
(٢) العدة في أصول الفقه ج ١، ص ١٥٢.
(٣) العدة في أصول الفقه ج ٢، ص ٤٨٠، وروضة الناظر ج ٢، ص ٢٢٦، وأمالي الدلالات ج ١، ص ١٣٦.
(٤) لأن الحكم يؤخذ من معنى النص لا من لفظه. انظر: منهج الاستنباط من القرآن الكريم للدكتور فهد الوهبي ص ٣٠٦ نقلا عن موازنة بين دلالة النص والقياس للصاعدي ص ٢٨٦.
(٥) أصول السرخسي ج ١، ص ٢٤١، وكشف الأسرار ج ١، ص ١١٥.
(٦) فتح القدير ج ١/ ص ٧٤. وانظر: الاستنباط رقم: ٩.
(٧) فتح القدير ج ١/ ص ٣٥٣. وانظر: الاستنباط رقم: ٣٨.

<<  <   >  >>