للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثالثها: بيع النفس ابتغاء مرضاة الله لا ينافي آية الدعاء السابقة بطلب الدنيا من الوجوه الحسنة شرعا) (١).

وهذه المناسبات -والله أعلم- لا تتزاحم. وكلٌ ذكر ما فتح الله به عليه من أوجه المناسبة.

٢٢ - لا يبطل عمل من ارتد إلا إذا مات على الكفر (٢).

قال تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (٢١٧)} البقرة: ٢١٧.

قال الشوكاني -رحمه الله-: (والتقييد بقوله: {فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ} يفيد أن عمل من ارتد إنما يبطل إذا مات على الكفر) (٣).

[الدراسة]

استنبط الشوكاني -رحمه الله- أن عمل من ارتد إنما يبطل إذا مات على الكفر.

ووجه الاستنباط: أن الله تعالى قيَّد إحباط عمل المرتد بالموت؛ فدل مفهوم المخالفة-مفهوم الشرط- على أن عمل من ارتد إنما يبطل إذا مات على الكفر، وأنه لو رجع إلى الإسلام لم يبطل عمله.

وممن قال بهذا الاستنباط: الرازي، وأبو حيان، وأبو السعود، والسيوطي، والقنوجي، والسعدي، والشنقيطي، وابن عثيمين. (٤).

وخالف آخرون: منهم ابن العربي، والآلوسي. (٥).

والأول قول الشافعي، والثاني قول مالك وأبي حنيفة (٦).


(١) صفوة الآثار والمفاهيم ج ٣/ ٣١٤، ٣١٥.
(٢) وهو استنباط عقدي وفقهي.
(٣) فتح القدير ج ١/ ص ٢١٨.
(٤) انظر: التفسير الكبير ج ٦/ ص ٣٢، والبحر المحيط ج ٢/ ص ٢٤٢، وإرشاد العقل السليم ج ١/ ص ٢١٧، وتفسير الجلالين ص ٤٣، وفتح البيان ج ١/ ص ٤٣٧، وتيسير الكريم الرحمن ص ٩٨، وأضواء البيان ج ٢/ ص ٥٠٨، وتفسير سورة البقرة ج ٣/ ص ٦١.
(٥) انظر: أحكام القرآن ج ١/ ص ١٨٣، وروح المعاني ج ٢/ ص ١١٠.
(٦) انظر: التفسير الكبير ج ٦/ ص ٣٢، والتحرير والتنوير ج ٢/ ص ٣١٦.

<<  <   >  >>