للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

والمقصود التنبيه على فضل التقوى، والصبر، وأن منزلة الإحسان لا تنال إلا بالجمع بينهما.

وممن قال بهذا الاستنباط: الرازي، والبيضاوي-كما تقدم-، والقنوجي، والقاسمي. (١).

١١٨ - لم يبعث الله نبيا من النساء ولا من الجن (٢).

قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ … عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا أَفَلَا تَعْقِلُونَ (١٠٩)} يوسف: ١٠٩.

قال الشوكاني -رحمه الله-: (وتدل الآية على أن الله سبحانه لم يبعث نبيا من النساء ولا من الجن، وهذا يرد على من قال: إن في النساء أربع نبيات: حواء، وآسية، وأم موسى، ومريم) (٣).

[الدراسة]

استنبط الشوكاني-رحمه الله- أن الله سبحانه لم يبعث نبيا من النساء ولا من الجن.

ووجه الاستنباط من شقين:

فأما وجه استنباط أن الله سبحانه لم يبعث نبيا من النساء: أن الله تعالى ذكر أنه لم يرسل إلا رجالا؛ فدل مفهوم المخالفة-مفهوم الحصر- (٤) على أن الله سبحانه لم يرسل أحدا من النساء. ودل بدلالة الالتزام على نفي النبوة عن النساء؛ لأن نفي الرسالة عنهن يستلزم نفي النبوة عنهن.

وأما وجه استنباط أن الله لم يرسل نبيا من الجن فلدلالة لفظ رجال؛ إذ المعهود من لفظ رجال أن يكونوا من الإنس. فدل أيضا بدلالة الالتزام على نفي النبوة عن الجن؛ لأن نفي الرسالة عنهم يستلزم نفي النبوة عنهم.

وهذا كله مبناه على أن حقيقة النبوة إرسال من الله يقتضي التكليف بالإبلاغ (٥)، فنفي الإرسال عن غير الرجال- أي: عن النساء والجن- يستلزم نفي النبوة عن النساء والجن.


(١) انظر: التفسير الكبير ج ١٨/ ص ١٦٣، وأنوار التنزيل ج ٣/ ص ٣٠٧، وفتح البيان ج ٦/ ص ٣٩٤، ومحاسن التأويل ج ٦/ ص ٢١٤.
(٢) وهو استنباط عقدي لتعلقه بالنبوات.
(٣) فتح القدير ج ٣/ ص ٦٠.
(٤) قال الشنقيطي- عند قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ … لَا تَعْلَمُونَ (٤٣)} [النحل: ٤٣]-: (يفهم من هذه الآيات أن الله لم يرسل امرأة قط؛ لقوله: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا}). أضواء البيان ج ٢/ ص ١٤٩.
(٥) انظر: النبوات ص ٢٧٢.

<<  <   >  >>