للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

لكن القول بأن الملائكة باشرت القتال يومئذ هو قول جماعة من المفسرين كابن عطية، والقرطبي، وابن كثير، وابن عاشور. (١). وهو قول ابن القيم في زاد المعاد حيث قال: (وكانت الملائكة يومئذ تبادر المسلمين إلى قتل أعدائهم) (٢).

وهذا القول -والله أعلم- هو الأظهر؛ لأن القول بمفهوم المخالفة معارض بالأدلة على أن الملائكة قاتلت ببدر، وقد تظاهرت الروايات وتظافرت على أن الملائكة حضرت بدرا وقاتلت كما قال ابن عطية والقرطبي (٣).

ومن تلكم الأدلة:

حديث ابن عباس -رضي الله عنهم- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال يوم بدر: "هذا جبريل آخذ برأس فرسه عليه أداة الحرب" (٤).

وقول ابن عباس -رضي الله عنهم-: "بينما رجل من المسلمين يومئذ -يعني ببدر- يشتد في أثر رجل من المشركين أمامه إذ سمع حصول بالسوط فوقه، وصوت الفارس يقول: أقدم حيزوم، فنظر إلى المشرك أمامه فخر مستلقيا، فنظر إليه فإذا هو قد خطم كلاهما، وشق وجهه كضربة السوط، فاخضر ذلك أجمع، فجاء الأنصاري فحدث بذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: صدقت، ذلك من مدد السماء الثالثة … الحديث" (٥).


(١) انظر: المحرر الوجيز ص ٣٥٢، والجامع لأحكام القرآن ج ٤/ ص ١٨٨، ١٨٩، وتفسير القرآن العظيم ج ٢/ ص ٤١٤، والتحرير والتنوير ج ٣/ ص ٢٠٨.
(٢) انظر: زاد المعاد ص ٤٩٣.
(٣) انظر: المحرر الوجيز ص ٣٥٢، والجامع لأحكام القرآن ج ٤/ ص ١٨٨، ١٨٩.
(٤) أخرجه البخاري في كتاب: المغازي، باب: شهود الملائكة بدرا، رقم: ٣٧٧٣، ج ٤/ ص ١٤٦٨.
(٥) أخرجه مسلم في كتاب: الجهاد والسير، باب: الإمداد بالملائكة في غزوة بدر وإباحة الغنائم، رقم: ١٧٦٣، ج ٣/ ص ١٣٨٤. قال مسلم: حدثنا هناد بن السري، حدثنا ابن المبارك، عن عكرمة بن عمار، حدثني سماك الحنفي قال: سمعت ابن عباس يقول: حدثني عمر بن الخطاب قال: لما كان يوم بدر ح، وحدثنا زهير بن حرب -واللفظ له-، حدثنا عمر بن يونس الحنفي، حدثنا عكرمة بن عمار، حدثني أبو زميل هو سماك الحنفي، حدثني عبد الله بن عباس قال: حدثني عمر بن الخطاب قال: "لما كان يوم بدر نظر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى المشركين وهم ألف، وأصحابه ثلاثمائة وتسعة عشر رجلا، فاستقبل نبي الله -صلى الله عليه وسلم- القبلة، ثم مد يديه، فجعل يهتف بربه: اللهم أنجز لي ما وعدتني، اللهم آت ما وعدتني، اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تعبد في الأرض، فما زال يهتف بربه مادا يديه، مستقبل القبلة، حتى سقط رداؤه عن منكبيه، فأتاه أبو بكر فأخذ رداءه فألقاه على منكبيه، ثم التزمه من ورائه، وقال: يا نبي الله كفاك مناشدتك ربك؛ فإنه سينجز لك ما وعدك، فأنزل الله عز وجل: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ (٩)} فأمده الله بالملائكة. قال أبو زميل فحدثني بن عباس قال: بينما رجل من المسلمين يومئذ يشتد في أثر رجل من المشركين أمامه إذ سمع حصول بالسوط فوقه، وصوت الفارس يقول: أقدم حيزوم، فنظر إلى المشرك أمامه فخر مستلقيا … الحديث.

<<  <   >  >>