للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثانيهما: أن قوله: {إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ} متعلق بقوله: {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (١٢٣)} [آل عمران: ١٢٣] (١).

قال الشوكاني: (قوله: {إِذْ تَقُولُ} متعلق بقوله: {نَصَرَكُمُ}) (٢).

والقول بأن الوعد بنصرة الملائكة كان يوم بدر لا يوم أحد قول جمهور المفسرين (٣)، وهو الأظهر -والله أعلم- إذ السياق دال عليه (٤).

قال ابن كثير: فإن قيل: فما الجمع بين هذه الآية على هذا القول وبين قوله في قصة بدر {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ (٩) وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (١٠)} [الأنفال: ٩ - ١٠]؟ فالجواب: أن التنصيص على الألف ها هنا لا ينافي الثلاثة الآلاف فما فوقها؛ لقوله: {مُرْدِفِينَ} بمعنى يردفهم غيرهم، ويتبعهم ألوف أخر مثلهم. وهذا السياق شبيه بهذا السياق في سورة آل عمران، فالظاهر أن ذلك كان يوم بدر كما هو المعروف من أن قتال الملائكة إنما كان يوم بدر والله أعلم) (٥).

وممن قال باستنباط الشوكاني: أبو السعود، والقنوجي. (٦).


(١) قال ابن كثير: وهذا عن: الحسن البصري، وعامر الشعبي، والربيع بن أنس، وغيرهم. واختاره ابن جرير انظر: تفسير القرآن العظيم ج ٢/ ص ٤١٤.
(٢) فتح القدير ج ١/ ص ٣٧٨.
(٣) انظر: جامع البيان ج ٦/ ص ٢٠، والمحرر الوجيز ص ٣٥٢، والبحر المحيط ج ٣/ ص ٧١، وتفسير القرآن العظيم ج ٢/ ص ٤١٤، والتحرير والتنوير ج ٣/ ص ٢٠٧.
(٤) انظر: زاد المعاد ص ٤٩١، ومحاسن التأويل ج ٢/ ص ٤٠٥.
(٥) تفسير القرآن العظيم ج ٢/ ص ٤١٤.
(٦) انظر: إرشاد العقل السليم ج ٢/ ص ٨١، وفتح البيان ج ٢/ ص ٣٢٧. وذكر السعدي أنه قول لكثير من المفسرين، فقال: (و اختلف الناس هل كان هذا الإمداد حصل فيه من الملائكة مباشرة للقتال كما قاله بعضهم، أو أن ذلك تثبيت من الله لعباده المؤمنين، وإلقاء الرعب في قلوب المشركين كما قاله كثير من المفسرين، ويدل عليه قوله: {وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ}). تيسير الكريم الرحمن ص ١٤٦. ولعل السعدي أراد يوم بدر، وإن كان يحتمل أنه أراد يوم أحد.

<<  <   >  >>