للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال إلكيا: ((وقوله تعالى: {وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللَّهَ} يدل على أن الرسول عليه الصلاة والسلام لا يحل له أن يستغفر إلا لمن تكامل إيمانه؛ لأنه شرط فيه. ويحتمل أن يراد به أن من أذن له في مفارقة الجهاد لبعض شأنه يكون في الظاهر مقصرا أو متأخرا في الفضل عن غيره، فأمر الله تعالى نبيه أن يستغفر لهم؛ ليكون استغفاره جبرا لهذا النقص، فلا ينكسر عند ذلك قلب هذا المتأخر عن الجمع) (١).

وممن قال بهذا الاستنباط: إلكيا، والبيضاوي، وأبو السعود، والآلوسي، والقنوجي، وابن عاشور. (٢).

وأشار الرازي إلى هذا الوجه، وإلى وجه آخر لذكر الاستغفار للمستأذنين، فقال: (وفي قوله: {وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللَّهَ} وجهان:

أحدهما: أن يستغفر لهم تنبيها على أن الأولى أن لا يقع الاستئذان منهم وإن أذن؛ لأن الاستغفار يدل على الذنب.

الثاني: يحتمل أنه تعالى أمره بأن يستغفر لهم مقابلة على تمسكهم بآداب الله تعالى في الاستئذان) (٣).

والمقصود من هذا الاستنباط التنبيه على أن الأحسن والأفضل أن لا يحدثوا أنفسهم بالذهاب، ولا يستأذنوا فيه (٤). وأنه ينبغي أن يكون الناس كذلك مع أئمتهم ومقدميهم في الدين والعلم، يظاهرونهم ولا يتفرقون عنهم إلا بإذن (٥).


(١) أحكام القرآن ج ٤/ ص ٣٢٥، ٣٢٦.
(٢) انظر: أحكام القرآن ج ٤/ ص ٣٢٥، ٣٢٦، وأنوار التنزيل ج ٤/ ص ٢٠٣، وإرشاد العقل السليم ج ٦/ ص ١٩٨، وروح المعاني ج ١٨/ ص ٢٢٤، وفتح البيان ج ٩/ ص ٢٧٣، ٢٧٤، والتحرير والتنوير ج ١٨/ ص ٢٤٦، ٢٤٧.
(٣) التفسير الكبير ج ٢٤/ ص ٣٥.
(٤) انظر: الكشاف ج ٣/ ص ٢٦٤.
(٥) انظر: مدارك التنزيل ج ٣/ ص ٢٣٠.

<<  <   >  >>