للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال أبو السعود: (إيراد حكمهن على الاستقلال دون الدرج في تضاعيف أحكامهم بأن يقال: للرجال والنساء الخ؛ للاعتناء بأمرهن، والإيذان بأصالتهن في استحقاق الإرث، والإشارة من أول الأمر إلى تفاوت ما بين نصيبي الفريقين، والمبالغة في إبطال حكم الجاهلية؛ فإنهم ما كانوا يورثون النساء والأطفال) (١).

وممن قال بهذا الاستنباط: أبو السعود -كما تقدم-، والقنوجي، والآلوسي، والدوسري، وابن عثيمين. (٢).

وفي هذا الاستنباط ما يدل على رعاية الإسلام لحقوق المرأة المالية. وفيه دليل على بلاغة القرآن ودقة ألفاظه في الدلالة على المراد.

ومن الأمور الدقيقة الدالة على حرص الإسلام على رعاية الإسلام لحقوق المرأة المالية، ودفع ما كانت عليه الجاهلية من عدم توريث النساء:

١ - بلاغة قوله تعالى: {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} [النساء: من الآية ١١] في الدلالة على اعتناء الإسلام بميراث المرأة.

قال ابن عاشور: ({لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} جعل حظ الأنثيين هو المقدار الذي يقدر به حظ الذكر، ولم يكن قد تقدم تعيين حظ للأنثيين حتى يقدر به، فعلم أن المراد تضعيف حظ الذكر من الأولاد على حظ الأنثى منهم، وقد كان المراد صالحا لأن يؤدى بنحو: للأنثى نصف حظ ذكر، أو للأنثيين مثل حظ ذكر، إذ ليس المقصود إلا بيان المضاعفة، ولكن أوثر هذا التعبير لنكتة لطيفة هي الإيماء إلى أن حظ الأنثى صار في اعتبار الشرع أهم من حظ الذكر، إذ كانت مهضومة الجانب عند أهل الجاهلية فصار الإسلام ينادي بحظها في أول ما يقرع الأسماع قد علم أن قسمة المال تكون باعتبار عدد البنين والبنات) (٣).

٢ - أن الله تعالى أثبت فرضا للإخوة للأم في الكلالة فقال: {وَإِنْ كَانَ … رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ} [النساء: من الآية ١٢] فكان هذا إبطالا لما كان عليه أهل الجاهلية من إلغاء جانب الأمومة أصلا؛ لأنه جانب نساء (٤).


(١) إرشاد العقل السليم ج ٢/ ص ١٤٦.
(٢) انظر: إرشاد العقل السليم ج ٢/ ص ١٤٦، وفتح البيان ج ٣/ ص ٣٠، وروح المعاني ج ٤/ ص ٢١٠، وصفوة الآثار والمفاهيم ج ٥/ ص ٨٦، و تفسير سورة النساء ج ١/ ص ٥٠.
(٣) التحرير والتنوير ج ٤/ ص ٤٦.
(٤) انظر: المصدر السابق ج ٤/ ص ٥٢.

<<  <   >  >>