للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

ووجه الاستنباط: أن الله تعالى قال: {وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ} فجعله مطعوما؛ فدل ذلك بدلالة تسمية القرآن له مطعوما على أن الماء يقال له طعام.

وقد أكد الشوكاني هذا المعنى المستنبط عند تفسيره لقوله تعالى: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا} [المائدة: من الآية ٩٣]؛ فقال: (أي: من المطاعم التي يشتهونها، والطعم وإن كان استعماله في الأكل أكثر، لكنه يجوز استعماله في الشرب، ومنه قوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي}) (١).

وممن قال بهذا الاستنباط: ابن العربي، والقرطبي، وأبو حيان، والسيوطي، والقنوجي. (٢). وأشار إليه القصاب (٣).


(١) فتح القدير ج ٢/ ص ٧٤.
(٢) انظر: أحكام القرآن ج ١/ ص ٢٦٣، والجامع لأحكام القرآن ج ٣/ ص ٢٤٠، والبحر المحيط ج ٢/ ص ٤٢٢، والإكليل ج ١/ ص ٤٣٩، وفتح البيان ج ٢/ ص ٧٨.
(٣) عند قوله تعالى: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (٩٣)} [المائدة: ٩٣] فقال: ({لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا} دليل على أن من حلف أن لا يطعم شيئا لوقت، فشرب شرابا أنه يحنث؛ لأن الآية نزلت في الذين ماتوا وهم يشربون الخمر قبل تحريمها، ويؤيده قوله سبحانه -في سورة البقرة إخبارا عن طالوت-: {فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (٢٤٩)}). نكت القرآن ج ١/ ص ٣١٩.

<<  <   >  >>