للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأيضا قول الله تعالى -بعده-: {قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (٣٢)} [البقرة: ٣٢].

قال ابن جرير الطبري في تفسيرها: وهذا خبر من الله جل ذكره عن ملائكته بالأوبة إليه، وتسليم علم ما لم يعلموه له، وتبريهم من أن يعلموا، أو يعلم أحد شيئا إلا ما علمه تعالى ذكره. إلى أن قال: ألا ترى أن الله جل ذكره رد على ملائكته قيلهم: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (٣٠)}، وعرَّفهم أن قيل ذلك لم يكن جائزا لهم بما عرَّفهم من قصور علمهم عند عرضه ما عرض عليهم من أهل الأسماء؛ {فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٣١)} فلم يكن لهم مفزع إلا الإقرار بالعجز، والتبري إليه أن يعلموا إلا ما علمهم بقولهم: سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا (١).

وممن قال بهذا الاستنباط: البقاعي-كما تقدم-، والقنوجي، وابن بدران. (٢).

وفي هذا الاستنباط -خصوصا في معرفة المناسبة- تنبيه لكل أحد بأن يتأدب بين يدي الله تعالى، وبين يدي العلماء؛ لئلا يظهر بالأنانية، وإظهار العلم عندهم، فقد وعظنا الله بقوله للملائكة: {إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (٣٠)} (٣).


(١) جامع البيان ج ١/ ص ٥٢٧.
(٢) انظر: نظم الدرر ج ١/ ص ٨٨، وفتح البيان ج ١/ ص ١٢٧، وجواهر الأفكار ص ١٥٩.
(٣) انظر: روح البيان ج ١/ ص ٩٧.

<<  <   >  >>