للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

ووجه الاستنباط: أن الله تعالى أمر بالإحسان إلى النساء؛ فذكر إيتاء صدقاتهن، وتوريثهن، ثم ذكر التغليظ عليهن فيما يأتينه من الفاحشة؛ لئلا يتوهمن أنه يسوغ لهن ترك التعفف. والدلالة على ذلك دلالة الربط بين الآيات.

وممن قال بهذا الاستنباط: القرطبي، والقنوجي. (١).

وفي هذا الاستنباط الموازنة بين ما للمرأة من حقوق، وما عليها من واجب الالتزام بأمر الله. و فيه تنبيه مهم للنساء، وللداعين إلى حقوق المرأة في هذا العصر، فللمرأة أن تنال حقوقها التي كفلها لها الإسلام، على ألا تكون المطالبة بحقوقها ذريعة لترك العفاف، ولا وسيلة لتعريضها للضرر في دينها. فكما أن لها حقوقا؛ فعليها واجب الالتزام بأمر الله، فإن خالفته وجبت عليها العقوبة.

واستنبط بعض المفسرين مناسبات أخرى، منها:

١ - أن التغليظ عليهن فيما يأتينه من الفاحشة بعد ذكر الإحسان إليهن في الحقيقة إحسان إليهن، ونظر لهن في أمر آخرتهن؛ إذ الإحسان في الدنيا تارة يكون

بالثواب، وأخرى يكون بالزجر والعقاب لكف العاصي عن العصيان (٢).

٢ - لئلا يتوهم أن من الإحسان إليهن ترك إقامة الحدود عليهن؛ فيصير ذلك سببا لوقوعهن في أنواع المفاسد والمهالك (٣).

٣ - بيان أن الله تعالى كما يستوفي لخلقه فكذلك يستوفي عليهم، وأنه ليس في أحكامه محاباة، ولا بينه وبين أحد قرابة، وأن مدار هذا الشرع الإنصاف والاحتراز في كل باب عن طرفي الإفراط والتفريط (٤).

وكلها -والله أعلم- يصح.


(١) انظر: الجامع لأحكام القرآن ج ٥/ ص ٧٩، وفتح البيان ج ٣/ ص ٥٢.
(٢) انظر: التفسير الكبير ج ٩/ ص ١٨٦، والبحر المحيط ج ٣/ ص ٢٧١، واللباب في علوم الكتاب ج ٦/ ص ٢٣٦، ونظم الدرر ج ٢/ ص ٢٢٤، وتفسير القرآن للمراغي ج ٤/ ص ٢٠٤، وصفوة الآثار والمفاهيم ج ٥/ ص ١٦١، وحدائق الروح والريحان ج ٥/ ص ٤٦١.
(٣) انظر: التفسير الكبير ج ٩/ ص ١٨٦، والبحر المحيط ج ٣/ ص ٢٧١، واللباب في علوم الكتاب ج ٦/ ص ٢٣٦، وصفوة الآثار والمفاهيم ج ٥/ ص ١٦١.
(٤) انظر: التفسير الكبير ج ٩/ ص ١٨٦، واللباب في علوم الكتاب ج ٦/ ص ٢٣٦، وصفوة الآثار والمفاهيم ج ٥/ ص ١٦١.

<<  <   >  >>