للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وذكر بعده شدة إصرار النصارى على كفرهم وقولهم بالتثليث (١) بعد ظهور الدلائل القاطعة على فساد ما هم عليه، وما ذاك إلا لحسدهم لمحمد -صلى الله عليه وسلم- فيما آتاه الله من الدين الحق.

ثم ذكر بعده قصة موسى في محاربة الجبارين وإصرار قومه على التمرد والعصيان.

ثم ذكر بعده قصة ابني آدم أن أحدهما قتل الآخر حسدا منه على أن الله تعالى قبل قربانه.

وكل هذه القصص دالة على أن كل ذي نعمة محسود فلما كانت نعم الله على محمد -صلى الله عليه وسلم- أعظم النعم لا جرم لم يبعد اتفاق الأعداء على استخراج أنواع المكر والكيد في حقه، فكان ذكر هذه القصص تسلية من الله تعالى لرسوله -صلى الله عليه وسلم- لما هم قوم من اليهود أن يمكروا به وأن يوقعوا به آفة ومحنة.

الثاني: أن هذا متعلق بقوله: {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ (١٥)} [المائدة: ١٥]، وهذه القصة وكيفية إيجاب القصاص عليها من أسرار التوراة.

الثالث: هذا متصل بقوله حكاية عن اليهود والنصارى: {نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ} (٢) [المائدة: من الآية ١٨] أي: لا ينفعهم كونهم من أولاد الأنبياء مع كفرهم كما لم ينتفع ولد آدم عند معصيته بكون أبيه نبيا معظما عند الله تعالى.


(١) يعني قوله تعالى: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ … شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٧)} المائدة: ١٧.
(٢) وتمامها: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ (١٨)}

<<  <   >  >>