للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

والقول الثاني هو قول القرطبي (١). ولعل مخالفة الشوكاني القرطبي في ذكر المناسبة هنا مع إفادته كثيرا من تفسيره ما يدل على أن بعض المناسبات يأباها الشوكاني. ولعل هذا يصلح لأن يكون مثالا للتكلف الذي يأباه الشوكاني في تطلب المناسبة؛ لأن القول الثاني فيه ربط للآية بآية بعيدة عنها في الترتيب، وإهمال لمناسبتها للآية المتصلة بها.

بقي توجيه كلام الشوكاني المتقدم، والذي ظاهره أنه ينفي المناسبة، فالباحثة إيمان الصميل ذكرت أن الشوكاني بالغ في رد أمر ثم لم يستطع الانفكاك عنه، فظهر ذلك في تطبيقاته لعلم المناسبات في تفسيره (٢).

والأولى أن يحمل كلامه على المناسبات التي فيها تكلف، وتطلب ربط آيات بعيدة عن بعضها في الترتيب؛ لأن في كلامه ما يدل على أنه ينفي تطلب المناسبة بين الموضوعات المختلفة، والتي يصعب الوصول إلى معرفة وجه الربط بينها. أما ما عدا هذه الصورة فهو لا يرده ولا ينكره.

والقول بالمناسبة بين آيات مختلفة الموضوع فيه تكلف لا يليق بالعالم، قال ابن عاشور: الانتقال من غرض إلى غرض في آي القرآن لا تلزم له قوة ارتباط؛ لأن القرآن ليس كتاب تدريس يرتب بالتبويب، وتفريع المسائل بعضها على بعض، ولكنه كتاب تذكير وموعظة … فقد يجمع به الشيء للشيء من غير لزوم ارتباط، وتفرع مناسبة (٣).


(١) انظر: الجامع لأحكام القرآن ج ١٠/ ص ١٥٦.
(٢) انظر: علوم القرآن عند الشوكاني، رسالة ماجستير، ص ١٩٧.
(٣) انظر: التحرير والتنوير ج ٢/ ص ٤٤٣، ٤٤٤.

<<  <   >  >>