للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وممن قال بهذا الاستنباط: الزمخشري-كما تقدم-، والنسفي، وأبو حيان، والقنوجي، والهرري. (١).

واستنبط القصاب مثل هذا الاستنباط من قوله تعالى: {قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (٤٣) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (٤٤)} [المدثر: ٤٣ - ٤٤]، فقال: دليل على توكيد حرمة المسكين حين قرن تضييعه بترك الصلاة، وخوض الخائضين، وتكذيب بيوم الدين، وكما قال تبارك وتعالى في سورة الحاقة: {إِنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ (٣٣) وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (٣٤)} (٢).

وفي هذا الاستنباط تحذير شديد من حرمان المسكين؛ فإنه أضر الخلال بالبشر. قال ابن عطية: (وإضافة الطعام إلى المسكين من حيث له إليه نسبة ما، وخصت هذه الخلة من خلال الكافر بالذكر؛ لأنها من أضر الخلال في البشر إذا كثرت في قوم هلك مساكنهم) (٣).

وفيه أيضا بيان لعظم فضل الصدقة. قال ابن جزي: (وهذه الآية تدل على عظم الصدقة وفضلها؛ لأنه قرن منع طعام المسكين بالكفر بالله) (٤).

ثم إن الإحسان للناس عامة، وللمساكين خاصة من أسباب السعادة، قال السعدي: مدار السعادة ومادتها أمران: الإخلاص لله الذي أصله الإيمان بالله، والإحسان إلى الخلق بجميع وجوه الإحسان التي من أعظمها دفع ضرورة المحتاجين بإطعامهم ما يتقوتون به (٥).


(١) انظر: الكشاف ج ٤/ ص ٦٠٨، ومدارك التنزيل ج ٤/ ص ٤٢٢، ٤٢٣، والبحر المحيط ج ٨/ ص ٤٥٨، وفتح البيان ج ١٤/ ص ٢٩٩، وحدائق الروح والريحان ج ٣٠/ ص ١٦٩.
(٢) انظر: نكت القرآن ج ٤/ ص ٤٤٨.
(٣) المحرر الوجيز ص ١٨٩٤.
(٤) التسهيل لعلوم التنزيل ج ٤/ ص ١٤٤.
(٥) انظر: تيسير الكريم الرحمن ص ٨٨٤.

<<  <   >  >>