للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رَأَيتُ بَنِي العَلَّاتِ لَمَّا تَظَافَروا ... يَحُوزُونَ سَهْمي عِنْدَهُمْ فِي الشَّمائِلِ (١)

أي: يُنزِلونني بالمنزلة السيئة.

وحكى الأزهري (٢) عن بعضهم في هذه الآية: «لأغوينَّهم حتى يكذِّبوا بما تقدم من أمور الأمم السالفة، ومن خلفهم بأمر البعث، وعن أيمانهم وعن شمائلهم؛ أي: لأضلّنهم فيما يعملون؛ لأن الكسب يقال فيه: ذلك بما كسبت يداك، وإن كانت اليدان لم تَجنِيا (٣) شيئًا؛ لأنهما الأصل في التصرف، فجُعلتا مثلاً لجميع ما يُعمل بغيرهما».

وقال آخرون ــ منهم أبو إسحاق، والزمخشري، واللفظ لأبى إسحاق (٤) ــ: «ذكر هذه الوجوه للمبالغة في التوكيد؛ أي: لآتينَّهم من جميع الجهات، والحقيقة ــ والله أعلم ــ: أتصرف لهم في الإضلال من جميع جهاتهم».

وقال الزمخشري (٥): «ثم لآتينَّهم من الجهات الأربع التي يأتي منها العدو في الغالب، وهذا مَثلٌ لوسوسته إليهم، وتسويله ما أمكنه وقدر عليه، كقوله: {وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ} [الإسراء: ٦٤]».


(١) البيت لأبي خراش الهذلي في شرح أشعار الهذليين (٣/ ١١٩٧)، ولأبي جندب الهذلي فيه (١/ ٣٤٨)، وهو لأبي خراش في المعاني الكبير (ص ٨٤٩، ١١٢٥)، والأغاني (٢١/ ٢٢٠).
(٢) انظر: تهذيب اللغة (١٥/ ٥٢٣). ونقله المؤلف من البسيط (٩/ ٥٦).
(٣) م: «يجتنبا» تحريف.
(٤) انظر: معاني القرآن لأبي إسحاق الزجاج (٢/ ٣٢٤)، والوسيط للواحدي (٢/ ٣٣٥).
(٥) الكشاف (٢/ ٥٦).