للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقصّر بقوم حتى امتنعوا من ذبح عصفورٍ أو شاةٍ ليأكله، وتجاوز بآخرين حتى جرّأهم على الدماء المعصومة.

وكذلك قصّر بقوم حتى منعهم من الاشتغال بالعلم الذي ينفعهم، وتجاوز بآخرين حتى جعلوا العلم وحده هو غايتهم، دون العمل به.

وقصّر بقوم حتى أطعمهم من العشب ونبات البرية دون غذاء بني آدم، وتجاوز بآخرين حتى أطعمهم الحرام الخالص.

وقصّر بقوم حتى زيّن لهم ترك سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من النكاح، فرغبوا عنه بالكُلِّيّة، وتجاوز بآخرين حتى ارتكبوا ما وصلوا إليه من الحرام.

وقصّر بقوم حتى جَفَوا الشيوخَ من أهل الدين والصلاح، وأعرضوا عنهم، ولم يقوموا بحقهم، وتجاوز بآخرين حتى عبدوهم مع الله.

وكذلك قصّر بقوم حتى منعهم قبولَ أقوالِ أهل العلم والالتفات إليها بالكلية، وتجاوز بآخرين حتى جعلوا الحلال ما حلّلوه والحرام ما حرّموه، وقدموا أقوالهم على سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصحيحة الصريحة.

وقصّر بقوم حتى قالوا: إن الله سبحانه لا يقدر على أفعال عباده ولا شاءها منهم، ولكنهم يعملونها بدون مشيئته وقدرته، وتجاوز بآخرين حتى قالوا: إنهم لا يفعلون شيئًا البتة، وإنما الله سبحانه هو فاعل تلك الأفعال حقيقة، فهي نفس فعله لا أفعالهم، والعبيد ليس لهم قدرة ولا فعلٌ البتةَ.

وقصّر بقوم حتى قالوا: إن رب العالمين ليس داخلاً في خلقه ولا بائنًا عنهم، ولا هو فوقهم ولا تحتهم، ولا خلفهم ولا أمامهم، ولا عن أيمانهم ولا عن شمائلهم، وتجاوز بآخرين حتى قالوا: هو في كل مكان بذاته، كالهواء الذي هو داخل في كل مكان.