تعظيمُ الأموات باتخاذ صورهم، والتمسح بها، والصلاة عندها». انتهى.
وقد آل الأمر بهؤلاء الضُّلال المشركين إلى أن شرعوا للقبور حَجًّا، ووضعوا له مناسك، حتى صنّف بعض غُلاتهم (١) في ذلك كتابًا وسماه «مناسك حج المشاهد»؛ مضاهاةً منه بالقبور للبيت الحرام، ولا يخفى أن هذا مفارقة لدين الإسلام، ودخول في دين عُبّاد الأصنام.
فانظر إلى هذا التباين العظيم بين ما شرعه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقصده من النهي عمَّا تقدم ذكره في القبور، وبين ما شرعه هؤلاء وقصدوه، ولا ريب أن في ذلك من المفاسد ما يعجز العبد عن حَصْره:
فمنها: تعظيمها المُوقِع في الافتتان بها.
ومنها: اتخاذها عيدًا.
ومنها: السفر إليها.
ومنها: مشابهة عبادة الأصنام بما يفعل عندها من العكوف عليها، والمجاورة عندها، وتعليق الستور عليها وسدانتها، وعُبّادُها يُرجّحون المجاورة عندها على المجاورة عند المسجد الحرام، ويرون سدانتها أفضلَ من خدمة المساجد، والويل عندهم لقيّمها ليلة يُطفأ القنديلَ المعلَّق عليها.
ومنها: النذر لها ولسدنتها.
ومنها: اعتقاد المشركين أن بها يُكشف البلاء، ويُنصر على الأعداء، ويُستنزل غيث السماء، وتُفرج الكرب، وتُقضى الحوائج، ويُنصر المظلوم، ويُجار الخائف، إلى غير ذلك.