للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكره الإمام أحمد أن يُضرب على القبر فسطاط.

والمقصود أن هؤلاء المعظمين للقبور، والمتخذينها (١) أعيادًا، الموقدين عليها السرج، الذين يبنون عليها المساجد والقباب: مناقضون لما أمر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، محادُّون لما جاء به.

وأعظم ذلك اتخاذها مساجد، وإيقاد السرج عليها، وهو من الكبائر، وقد صرّح الفقهاء من أصحاب أحمد وغيرهم بتحريمه.

قال أبو محمد المقدسي (٢): ولو أبيح اتخاذ السرج عليها لم يُلْعَن مَنْ فعله، ولأن فيه تضييعًا للمال في غير فائدة، وإفراطًا في تعظيم القبور أشبَه تعظيمَ الأصنام. قال: ولا يجوز اتخاذ المساجد على القبور لهذا الخبر؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لعن الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد»، يُحذّر ما صنعوا متفق عليه (٣). ولأن تخصيص (٤) القبور بالصلاة عندها يشبه تعظيم الأصنام بالسجود لها، والتقرب إليها، وقد رُوِّينا أن ابتداء عبادة الأصنام


(١) كذا في النسخ بإثبات النون.
(٢) هو ابن قدامة، انظر كلامه في: المغني (٣/ ٤٤٠، ٤٤١).
(٣) البخاري (٤٤٤٣)، ومسلم (٥٣١).
(٤) ح: «تجصيص» تصحيف.