للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال أبو إسحاق الزّجاج (١) وغيره: الاستقسام بالأزلام حرام. ولا فرق بين ذلك وبين قول المنجِّم: لا تخرجْ من أجل نجم كذا، واخرُجْ من أجل طلوع نجم كذا؛ لأن الله تعالى يقول: {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا} [لقمان: ٣٤]، وذلك دخول في علم الله عز وجل الذي هو غيب عنا، فهو حرام كالأزلام التي ذكرها الله.

والمقصود أن الناس قد ابتُلوا بالأنصاب والأزلام، فالأنصاب للشرك والعبادة، والأزلام للتكهُّن، وطلب عِلْم ما استأثر الله به، هذه للعلم، وتلك للعمل، ودين الله سبحانه مضادّ لهذا وهذا، والذي جاء به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إبطالهما، وكسرُ الأنصاب والأزلام.

فمن الأنصاب ما قد نصبه الشيطان للمشركين، من شجرة، أو عمود، أو وثن، أو قبر، أو خشبة، أو غير ذلك، والواجب هدم ذلك كله، ومَحْوُ أثره، كما أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - عليًّا رضي الله عنه بهدم القبور المشرفة وتسويتها بالأرض، كما روى مسلم في «صحيحه» (٢) عن أبي الهَيّاج الأسدي، قال: قال لي علي رضي الله عنه: ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ أن لا أدع تمثالًا إلا طمستُه، ولا قبرًا مشرفًا الا سوّيتُه.

وعمّى الصحابة بأمر عمر بن الخطاب قبرَ دانيال، وأخفاه عن الناس (٣).


(١) معاني القرآن (٢/ ١٤٧). وانظر: البسيط (٧/ ٢٥٣).
(٢) برقم (٩٦٩). وقد سبق.
(٣) تقدم تخريجه.