ولما بلغه أن الناس ينتابون الشجرة التي بايع تحتها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أصحابه أرسل فقطعها. رواه ابن وضّاح في كتابه (١)، فقال: سمعت عيسى بن يونس يقول: أمر عمر بن الخطاب رضي الله عنه بقطع الشجرة التي بُويعَ تحتها النبي - صلى الله عليه وسلم - [٥٩ ب] فقطعها؛ لأن الناس كانوا يذهبون فيصلُّون تحتها، فخاف عليهم الفتنة. قال عيسى بن يونس: وهو عندنا من حديث ابن عون، عن نافع: أن الناس كانوا يأتون الشجرة، فقطعها عمر رضي الله عنه.
فإذا كان هذا فعل عمر رضي الله عنه بالشجرة التي ذكرها الله في القرآن، وبايع تحتها الصحابةُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فماذا حكمه فيما عداها من هذه الأنصاب والأوثان، التي قد عظمت الفتنة بها، واشتدت البَلِيّة بها؟
وأبلغ من ذلك: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هَدَم مسجد الضِّرار، ففي هذا دليل على هدم ما هو أعظم فسادًا منه، كالمساجد المبنية على القبور؛ فإن حكم الإسلام فيها أن تُهدَم كلُّها، حتى تُسوَّى بالأرض، وهي أولى بالهدم من مسجد الضّرار، وكذلك القباب التي على القبور يجب هدمها كلها؛ لأنها أُسِّست على معصية الرسول، لأنه قد نهى عن البناء على القبور كما تقدم؛ فبناءٌ أُسِّس على معصيته ومخالفته بناءٌ محرّمٌ، وهو أولى بالهدم من بناء الغاصب قطعًا.
(١) البدع والنهي عنها (١٠٠). ورواه ابن سعد في الطبقات (٢/ ١٠٠) عن عبد الوهاب ابن عطاء، وابن أبي شيبة (٢/ ١٥٠) عن معاذ بن معاذ، كلاهما عن عبد الله بن عون عن نافع قال: كان الناس يأتون الشجرة التي يقال لها شجرة الرضوان فيصلون عندها، قال: فبلغ ذلك عمر بن الخطاب فأوعدهم فيها وأمر بها فقطعت. صحح ابن حجر في الفتح (٧/ ٤٤٨) إسناده عن نافع، وقال الألباني في تحذير الساجد (ص ٨٣): «رجاله ثقات كلهم، لكنه منقطع بين نافع وعمر، فلعل الواسطة بينهما عبد الله بن عمر رضي الله عنهما».