للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ورواه الحافظ أبو عبد الله محمد بن عبد الواحد المقدسي في «مُختارته» (١) التي هي أصحّ من «صحيح الحاكم».

فهذا موافق للأول، وكلاهما موافق لحديث طاوس، وأبي الصّهباء، وأبي الجوزاء، عن ابن عباس به، وطاوس وعكرمة أعلم أصحاب ابن عباس به؛ فإن عكرمة كان مولاه مصاحبًا له، وكان يقيِّده على العلم، وكان طاوس خاصًا عنده، يجتمع به كثيرًا، ويدخل عليه مع الخاصَّة، وكان طاوس وعكرمة يفتيان بأن الثلاث واحدة، وكذلك ابن إسحاق، لمَّا صحَّ عنده هذا الحديث أفتى بموجبه، وكان يقول: جهل السُّنَّةَ فيُردُّ إليها.

فرواةُ هذا الحديث أفتوا به، وعملوا به.

وعن ابن عباس فيه روايتان: إحداهما: موافقة عمر رضي الله عنه تأديبًا وتعزيرًا للمطلقين، والثانية: الإفتاء بموجبه.

وروى حماد بن زيد، عن أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس ــ وحَسْبُك بهذا السند صِحَّةً وجلالةً ــ: إذا قال: أنت طالق ثلاثًا بفمٍ واحد فهي واحدة. ذكره أبو داود في «السنن» (٢).


(١) المختارة (١١/ ٣٦٢، ٣٦٣) من طريق أحمد ومن طريق أبي يعلى.
(٢) سنن أبي داود (٢/ ٢٢٦) معلّقًا، وقال عقبه: «ورواه إسماعيل بن إبراهيم عن أيوب عن عكرمة هذا قوله لم يذكر ابن عباس وجعله قول عكرمة»، قال الشنقيطي في الأضواء (١/ ١٢٩): «لم يثبت عن ابن عباس أنه أفتى في الثلاث بفم واحد أنها واحدة، وما روى عنه أبو داود من طريق حماد عن أيوب عن عكرمة عنه، فهو معارَض بما رواه أبو داود نفسه من طريق إسماعيل بن إبراهيم عن أيوب عن عكرمة أن ذلك من قول عكرمة لا من قول ابن عباس، وتُرجَّح رواية إسماعيل بن إبراهيم على رواية حماد بموافقة الحفاظ لإسماعيل في أنّ ابن عباس يجعلها ثلاثًا لا واحدة».