للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حُطَّتْ عنه خطاياه، ولو كانت مثل زَبد البحر» (١). فلو قال: «سبحان الله وبحمده مئة مرة» هذا اللفظ لم يستحقَّ الثواب المذكور، وكانت تسبيحةً واحدة.

وكذلك قوله: «تسبِّحون الله دُبُر كل صلاة ثلاثًا وثلاثين، وتحمدون ثلاثًا وثلاثين، وتكبرون أربعًا وثلاثين» (٢). لو قال: «سبحان الله ثلاثًا وثلاثين» لم يكن مُسَبِّحًا هذا العدد، حتى يأتي به واحدة بعد واحدة.

ونظائر ذلك في الكتاب والسنة أكثر من أن تُذْكَر.

قالوا: فقوله تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ} إما أن يكون خبرًا في معنى الأمر؛ أي: إذا طلقتم فطلقوا مرتين، وإما أن يكون خبرًا عن حُكمه الشرعي الديني؛ أي: الطلاق الذي شَرَعْتُه لكم وشرعتُ فيه الرجعة: مرتان. وعلى التقديرين: إنَّما يكون ذلك مرّة بعد مرة، فلا يكون مُوقِعًا للطلاق الذي شرع إلا إذا طلق مرة بعد مرة، ولا يكون موقعًا للمشروع بقوله: أنت طالق ثلاثًا، ولا مرتين.

قالوا: ويوضح ذلك أنه حصر الطلاق المشروع في مرتين، فلو شَرَعَ جَمْعَ الطلاق في دَفْعةٍ واحدة لم يكن الحصر صحيحًا، ولم يكن الطلاق كله مرتان، بل كان منه مرتان، ومنه مرة واحدة تَجْمعه، وهذا خلاف ظاهر القرآن، وأنه لا طلاق للمدخول بها إلا مرتان، وتبقى الثالثة المحرمة بعد ذلك.

قالوا: ويدل عليه أن الطلاق اسم مُحلًّى باللام، وليست للعهد، بل


(١) أخرجه البخاري (٦٤٠٥) ومسلم (٢٦٩١) عن أبي هريرة.
(٢) أخرجه مسلم (٥٩٦) عن كعب بن عجرة.