للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

منها: أن الطهر المتصل بالحيضة هو وهي في حكم القرْء الواحد، فإذا طلقها في ذلك الطهر فكأنه طلقها في الحيضة؛ لاتصاله بها، وكونه معها كالشيء الواحد.

الثانية: أنه لو أُذن له في طلاقها في ذلك الطهر فيصير كأنه راجع لأجل الطلاق، وهذا ضِدّ مقصود الرجعة؛ فإن الله تعالى إنما شرعها للإمساك، ولَمِّ شَعَثِ النكاح، وعَود الفراش، فلا يكون لأجل الطلاق؛ فيكون كأنه راجع ليطلِّق، وإنما شرعت الرجعة ليُمسك. وبهذا بعينه أبطلنا نكاح المحلِّل؛ فإن الله سبحانه وتعالى شرع النكاح للإمساك والمعاشرة، والمحلِّل تزوج ليطلِّق، فهو مضادٌّ الله تعالى في شرعه ودينه.

الثالثة: أنه إذا صبر عليها حتى تحيض، ثم تطهر، ثم تحيض، ثم تطهر، زال ما في نفسه من الغضب الحامل له على الطلاق، وربما صَلحت الحال بينهما، وأقْلعت عمّا يدعوه إلى طلاقها، فيكون تطويل هذه المدة رحمةً به وبها.

وإذا كان الشارع ملتفتًا إلى مثل هذه الرحمة والشفقة على الزوج، وشرَعَ الطلاق على هذا الوجه الذي هو أبعدُ شيء عن الندم، فكيف يليق بشرعه أن يشرع إبانتها وتحريمها عليه بكلمةٍ واحدة، يجمع فيها ما شرعه متفرقًا، بحيث لا يكون له سبيل إليها؟ وكيف يجتمع في حكمة الشارع وحُكمه هذا وهذا؟

فهذه الوجوه ونحوها مما بيَّن بها الجمهورُ أن جمعَ الثلاث غير مشروع، هي بعينها تبيِّن عدم الوقوع، وأنه إنما يقع المشروع وحده، وهي الواحدة.