للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المغيرة طلقها البتّة وهو غائب، فأرسل إليها وكيلَه بشعير، فسَخِطَته، فجاءت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فذكرت له ذلك؟ فقال: «ليس لك عليه نفقة».

وقد جاء تفسير هذه البتة في الحديث الآخر الصحيح (١): أنه طلقها ثلاثاً، فلم يجعل لها النبي - صلى الله عليه وسلم - سُكنَى ولا نفقة.

فقد أجاز عليه الثلاث، وأسقط بذلك نفقتها وسُكناها.

وفى «المسند» (٢) أن هذه الثلاث كانت جميعًا، فروَى من حديث الشعبي: أن فاطمة خاصمت أخا زوجها إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - لما أخرجها من الدار، ومنعها النفقة، فقال: «ما لكَ ولابنةِ قيسٍ؟»، قال: يا رسول الله! إن أخي طلقها ثلاثًا جميعًا ... وذكر الحديث.

ومنها: ما في «الصحيحين» (٣) عن عائشة رضي الله عنها: أن رجلاً طلّق امرأته ثلاثًا، فتزوجت، فطُلِّقت، فسُئل النبي - صلى الله عليه وسلم -: أتَحِلّ للأول؟ قال: «لا، حتى يذوق عُسَيْلتها كما ذاق الأول».

ووجه الدليل: أنه لم يستفصل: هل طلقها ثلاثًا مجموعة أو متفرقة؟


(١) هو طريق آخر للحديث السابق.
(٢) مسند أحمد (٦/ ٣٧٣، ٤١٦) عن يحيى بن سعيد عن مجالد عن الشعبي به، قال ابن القيم فيما يأتي: «لم يقل ذلك عن الشعبي غيرُ مجالد، مع كثرة من روى هذه القصّةَ عن الشعبي، فتفرَّد مجالد على ضعفه من بينهم بقوله: ثلاثًا جميعًا»، ثم وجّهه على تقدير صحته، ولعلّ هذا التقدير متحقّق؛ فقد توبع مجالد في روايته هذه، حيث رواه الطبراني في الكبير (٢٤/ ٣٨٣) من طريق محمد بن سليمان لوين عن محمد بن جابر عن حبيب بن أبي ثابت عن الشعبي عنها قالت: طلّقني زوجي ثلاثًا جميعًا.
(٣) البخاري (٢٦٣٩) ومسلم (١٤٣٣).