للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولو اختلف الحال لوجب الاستفصال.

ومنها: ما اعتمد عليه الشافعي في قصة الملاعنة: أن عُويمرًا العَجْلاني أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا رسول الله! أرأيتَ رجلاً وجد مع امرأته رجلاً، فيقتله فتقتلونه، أو كيف يفعل؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «قد أُنْزِل فيك وفي صاحبتك، فاذهب فائْتِ بها»، قال سهل: فتلاعنا وأنا مع الناس عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلمّا فرغا من تلاعنهما قال عُويمر: كذبتُ عليها يا رسول الله إن أمسكتُها، فطلَّقها ثلاثًا قبل أن يأمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قال الزهري: وكانت تلك سُنّة المتلاعنين. متفق على صحته (١).

قال الشافعي: فقد أقرّه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الطلاق ثلاثًا، ولو كان حرامًا لما أقرّه عليه.

ومنها: ما رواه النسائي (٢) عن محمود بن لبيد، قال: أُخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن رجل طلّق امرأته ثلاث تطليقات جميعًا، فقام غضبان، ثم قال: «أيُلْعَبُ بكتاب الله وأنا بين أظهركم؟»، حتى قام رجلٌ فقال: يا رسول الله! ألا أقتله؟

ولم يقل: إنه لم يقع عليه إلا واحدة، بل الظاهر أنه أجازها عليه؛ إذ لو كانت زوجته ولم يقع عليه إلا واحدة لبيّن له ذلك؛ لأنه طلقها ثلاثًا يعتقد لزومها، فلو لم يلزمه لقال له: هي زوجتك بعدُ، وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز.


(١) البخاري (٥٣٠٩)، ومسلم (١٤٩٢) عن سهل بن سعد الساعدي.
(٢) (٦/ ١٤٢، ١٤٣)، وتقدم تخريجه.