للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تَحِلّ له حتى تنكح زوجًا غيره، قال: فخرج الحكمُ وأنا معه، فأتى طاوسًا وهو في المسجد، فأكبَّ عليه فسأله عن قول ابن عباس فيها، وأخبره بقول الزهري، قال: فرأيت طاوسًا رفع يديه تَعَجُّبًا من ذلك، وقال: والله ما كان ابنُ عباس يجعلها إلا واحدةً.

أخبرنا ابن جُريج (١)، قال: وأخبرني حسن بن مسلم، عن ابن شهاب، أن ابن عباس قال: إذا طلق الرجل امرأته ثلاثًا، ولم يَجمع كنّ ثلاثًا، قال: فأخبرت طاوسًا، فقال: أشهدُ ما كان ابن عباس يَراهُنّ إلا واحدة.

فقوله: إذا طلق ثلاثًا ولم يجمع كن ثلاثًا، أي: إذا كُنّ متفرقات، فدلّ على أنه إذا جمعهن كانت واحدة، وهذا هو الذي حلف عليه طاوس أن ابن عباس كان يجعله واحدة.

ونحن لا نشك أن ابن عباس صحّ عنه خلاف ذلك، وأنها ثلاث، فهما روايتان ثابتتان عن ابن عباس بلا شك.

الوجه الثاني: أن هذا مذهبُ طاوس.

قال عبد الرزاق (٢): أخبرنا ابن جُريج، عن ابن طاوس، عن أبيه: أنه كان لا يرى طلاقًا ما خالف وجهَ الطلاق، ووجه العِدّة، وأنه كان يقول: يُطلقها واحدة، ثم يَدَعُها حتى تنقضي عدتها.

وقال أبو بكر بن أبي شيبة (٣): حدثنا إسماعيل بن عُلَيّةَ، عن ليثٍ، عن


(١) مصنف عبد الرزاق (٦/ ٣٣٥).
(٢) مصنف عبد الرزاق (٦/ ٣٠٢)، وصحّحه المصنف في الصواعق (٢/ ٦٢٨).
(٣) مصنف ابن أبي شيبة (٤/ ٦٩)، ورواه عبد الرزاق (٦/ ٣٣٦) عن معمر عن ابن طاوس عن أبيه في الرجل يطلق امرأته بكرا ثلاثًا قبل أن يدخل بها قال: سواء هي واحدة على كلّ حال، أي: سواء جمعها أو فرّقها.