للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

له، وهو مشهور عند المالكية عن بضعة عشر فقيهًا من فقهاء طُلَيْطِلَة المفتين على مذهب مالك، هكذا قال، واحتج لهم بأن قوله: أنت طالق ثلاثًا كذب؛ لأنه لم يطلق ثلاثًا، ولم يطلق إلا واحدة، كما لو قال: أحلف ثلاثًا كانت يمينًا واحدة، ثم ذكر حججهم من الحديث.

الوجه الخامس عشر: أن أبا الحسن علي بن عبد الله بن إبراهيم اللَّخمي المتيطي، صاحب كتاب «الوثائق الكبير»، الذي لم يُصنَّف في الوثائق مثله، حكى الخلاف فيها عن السلف والخلف، حتى عن المالكية أنفسهم، فقال: «وأما من قال: أنت طالق ثلاثًا، فقد بانت منه، قال البتة أو لم يقل».

قال: «وقال بعض الموثِّقين ــ يريد المصنفين في الوثائق ــ: اختلف أهل العلم بعد إجماعهم على أنه مُطَلِّقٌ، كَمْ يلزمه من الطلاق؟ فالجمهور من العلماء: على أنه يلزمه الثلاث، وبه القضاء، وعليه الفتوى، وهو الحق الذي لا شك فيه».

قال: «وقال بعض السلف: يلزمه من ذلك طلقة واحدة، وتابعهم على ذلك قومٌ من الخلف من المفتين بالأندلس».

قال: «واحتجوا على ذلك بحجج كثيرة، وأحاديث مسطورة، أضربنا عنها، واقتصرنا على الصحيح منها؛ فمنها: ما رواه داود بن الحصين، عن عكرمة، عن ابن عباس: أن رُكانة طلق زوجته عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاثًا، في مجلس واحد، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إنما هي واحدة، فإن شئت فدَعْها، وإن شئت فارتجعها» (١). ثم ذكر حديث أبي الصهباء، وذكر بعض تأويلاته التي


(١) تقدّم تخريجه.