لأنه ذريعةٌ إلى ربا النسيئة، فلو كان الدَّيْنان حالَّين لم يمتنع؛ لأنهما يسقطان جميعًا من ذِمّتهما، وفى الصورة المنهي عنها ذريعةٌ إلى تضاعفُ الدَّين في ذِمَّة كلٍّ منهما في مقابلة تأجيله، وهذه مفسدة ربا النَّساءِ بعينها.
ونهى الله سبحانه وتعالى النِّساء أن {يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ}[النور: ٣١]، فلما كان الضرب بالرِّجْل ذريعة إلى ظهور صوت الخَلْخال الذي هو ذريعة إلى مَيْلِ الرجال إليهن: نهاهن عنه.
وأمر الله سبحانه الرجال والنساء بغضِّ أبصارهم، لمّا كان النظر ذريعةً إلى الميل والمحبة؛ التي هي ذريعة إلى مواقعة المحظور.
وحرّم التجارة في الخمر، وإن كان إنما يبيعها من كافر يَسْتَحِلُّ شُرْبَها، فإن التجارة فيها ذريعة إلى اقتنائها وشربها، ولهذا لمَّا أُنزلت الآيات في تحريم الربا قرأها عليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقَرَن بها تحريم التجارة في الخمر (١)، فإن الربا ذريعةٌ إلى إفساد الأموال، والخمر ذريعةٌ إلى إفساد العقول، فجمع بين تحريم التجارة في هذا وهذا.