فالعلم بالكيد الواجب أو المستحب الذي يُتوصّل به إلى طاعة الله تعالى ورسوله، ونصر المحقّ وكسر المبطل: مما يرفع الله به درجة العبد.
وقد ذكروا في تسميتهم سارقين وجهين:
أحدهما: أنه من باب المعاريض، وأن يوسف عليه السلام نوى بذلك أنهم سرقوه من أبيه، حيث غَيّبوه عنه بالحيلة التي احتالوا بها عليه، وخانوه فيه، والخائن يسمى سارقًا، وهو من الاستعمال المشهور.
الثاني: أن المنادي هو الذي قال ذلك، من غير أمر يوسف عليه السلام.
قال القاضي أبو يعلى وغيره: أمر يوسفُ بعضَ أصحابه أن يجعل الصاع في رحل أخيه، ثم قال بعض الموكّلين به لمّا فقده، ولم يدر مَنْ أخذه:{أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ} على ظن منهم أنهم كذلك، ولم يأمرهم يوسف عليه السلام بذلك، ولعل يوسف عليه السلام قال للمنادي: هؤلاء قد سرقوا، وعنى سرقته من أبيه، والمنادي فَهِمَ سرقة الصواع، وصدق في قوله:{إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ} لما أخبره به يوسف، وصدق في قوله:{نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ}.
وتأمل قوله:{إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ}، ولم يقل:{صُوَاعَ الْمَلِكِ}، ثم لما جاء إلى ذكر المفقود قال:{نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ}، وهو صادق في ذلك، فحذف المفعول في قوله:{لَسَارِقُونَ}، وذكره في قوله:{نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ}.