دعاهم إلى أن يبايعوه وقد كان بلده (ضبية) ومسكنه في لبد (لقابل) الذي أميرها الشيخ عيسى بن صالح وأول من بايعه هو هذا الشيخ وكانت المبايعة سراً والغاية من هذا الخروج إقامة السيد فيصل (إماماً شرعياً) على الاباضية في مسقط يكون نافذ القول والأحكام لا سلطاناً ولهذا كتبا إليه كتاباً ليطلعاه على ما جال في فكرهما فأبى السيد فيصل قائلاً إنه (سلطان وإمام معاً) وإنه حر القول والفعل في مملكته يعمل ما يشاء ويقول ما يشاء.
فلما بلغ ذلك الخبر إلى الشيخين امتعضا وأنضم إليهما جمع شايعوهما في أفكارهما ثم طلبوا جميعهم إلى السيد فيصل أن يقطع دابر المومسات من مسقط وعمان وأن يمنع شرب المسكرات والدخان وتجول المبشرين في تلك البلاد إلى غير هذه المطالب فأبى كل الإباء قائلاً: إن الإنسان خلق حراً ولا يحق لي أن أقيده بقيود.
فلما رأوا أنه رفض كل ما طلبوه منه اجتمع الشيخ عبد الله السلمي والشيخ عيسى بن صالح والشيخ عبد الله بن سعيد وعقدوا مجلساً خفياً في (سمائم) من بني الريحة وقرروا أن يبعثوا الشيخ عبد الله بن حميد إلى جميع ديار عمان ليدعوا أهلها إلى النهوض مع الشيوخ المذكورين وإلى محاربة السيد فيصل لكونه أبى تلبية مطالبهم. فجرى الأمر على ما قرروه وكنوا الصلح في قبائل عمان المختلفة وربطوا بعضها ليكونوا يداً واحدة على السيد السلطان ثم سار الشيخ عبد الله بن حميد إلى (تنوف) بليدة قريبة من (نزوة) وواجه شيخها حمير الأمامي الذي أمر للحال فجمع علماء الاباضية وذاكرهم في الأمر فقر رأيهم على تعيين إمام ومبايعته فأقاموا عليهم الشيخ سالم بن راشد الخروسي ودخلوا (نزوة) سراً ودعوا سكانها إلى المبايعة فبايعوا الإمام وكان في مقدمتهم بنو يام والكنود.
فلما بلغ الخبر أمير نزوة وهو السيد سيف بن حمد من أبناء بني سعيد هجم عليهم بعسكره كبحاً لجماحهم. لكنهم أبلوا بلاء حسن وقتلوا من بني سعيد خاصة أكثر من ٢٥ رجلاً وجرحوا الوالي ثم بعد ذلك أخذت نزوة أو قل سلمت نفسها بدون ممانعة ليضعف أهلها وقوة محاربيهم وللحال أخرجت العساكر من القلعة الحصينة وأحتلها أتباع الإمام.