الأعراب وهذا ما كنا نتوقعه منه ولا سيما لشرح ألفاظ مثل هذا السفر الجليل الذي يجب أن لا يتضمن إلا عبارات السلف أو ما يقارنها أو ما يقابلها متانة. فقد جاء في ص ١٠: أطعمكما مشوشة وقليلة. وضبط مشوشة بفتح الميم وضم الشين وإسكان الواو وفتح الشين الثانية وفي الأخر هاء وشرحها في الحاشية بقوله (زيت يضرب مع بياض البيض فيصنع منه طعام دسم اهـ عن قاموس ستينجاس المطبوع في لندن) اهـ
قلنا: أن الذي ذكره ستينجاس هو مشوش لا مشوشة. ثم ذكر المشوش بضم الشين والميم متوهما أنها فارسية الأصل. وأما مشوشة بفتح الأول فقد ذكرها كوسغارتن في النسخة التي طبعها من الأغاني. وعلى كل حال أن صواب الرواية هو مشوش أو مشمشة (أي من باب التفعيل بصيغة اسم المفعول كمعظم) قال في شمس اللغات: مشوش كمعظم ومشوشة بالتأنيث طعام يتخذ من الزيت يلبك بالاح وهو أيضاً ضرب من الحلواء اهـ - والكلمة عندنا عربية من شوش الشيء (من باب التفعيل) خلطه أو عند أهل شمالي العراق كأهالي جزيرة ابن عمر والموصل وسعرد وما يجاورها: المشوشة كمعظمة يتخذ من دقيق العدس أو من جريشه وقال دوزي (المشوش والمشوشة (بضم الميم وفتح الواو المشددة) طعام كالشاشية وعرف هذا الطعام ناقلا كلام أحد أدباء العرب الأقدمين واسمه شكوري: هي الفرطون من الأطعمة المستلذة وهو لحم مطبوخ يعقد ببيض مضربة بتابل في زيت محمي ويأتي حسن المنظر طيب الطعم) اهـ
ولم يفسر دوزي في معجمه الفرطون والكلمة لاتينية الأصل أي ومعناه كل طعام يتخذ مطبوخا على النار ولا سيما المحمس منه.
وجاء في أول التصدير أن هو المسهك ففسر هذه اللفظة بقوله: ممر الريح. قلنا والذي
نراه في كتب اللغة لا يوافق هذا المعنى. نعم قال صاحب اللسان: المسهك ممر الريح لكننا نراه يقول بعد ذلك سهكت الريح أي مرت مر شديدا والمسهكة ممرها. وليس هذا المطلوب من الكلمة الإفرنجية (كوران دير) فقد يكون المراد بهذه اللفظة مجرى الريح وأن كان خفيفا