كان سعد خطيباً يفتن الجماعات ببلاغته فتندفع معه إلى حيث يقودها (وهو شجي الصوت تمتزج فيه العذوبة بالمضاء وتشترك الجوارح والأرواح بالعكوف عليه والاصغاء).
وهنا أترك وصف بلاغة زغلول بمثابة كاتب وخطيب لمن عرفه حق المعرفة عن كثب وعاشره، رئيس تحرير جريدته التي تنطلق بمبادئه السياسية الأستاذ عبد القادر حمزة صاحب جريدة (البلاغ) قال: ومن الفضول على ما أظن أن أحاول تصوير سعد باشا كاتباً وخطيباً فان خطبه وبياناته تملأ أسماع مصر والشرق ولناطقين بالضاد جميعاً والغربيون الذين لا يقرأون هذه الخطب والبيانات إلا المنقولة إلى لغاتهم بعد أن تكون قد فقدت أسلوبها وبلاغتها يشهدون
لصاحبها بأنه يملك زمام قارئيه وسامعيه ولكني أحب أن أقول هنا شيئاً يقوله سعد باشا نفسه وهو إنه لا يقول إذا قال ولا يكتب إذا كتب إلا بدافع من عقيدته ووجدانه فهذا هو على ما أظن سبب كبير من أسباب نجاحه في كل خطبه وكتاباته.
(وأكثر ميله حين يكتب إلى الإملاء أما حين يخطب فإنه لا يحب إلا الارتجال).
وقد يلجأ إلى الإلقاء حينما تقيده المواقف السياسية بقيود الألفاظ ولكن ذلك يكون حينئذ عبأ على نفسه حتى أنه ليهجر الورق بعد قليل ويطلق لسانه من غله الثقيل.
(وطريقته هي أنه يعني بالمعنى قبل كل شيء فيهتم أن يكون قوياً وجليلاً فإذا استوى له أخرجه في لفظ قوي جليل حريصاً دائما على أن يكون السياق منطقياً غير زائد عن المعنى ولا ناقص، كذلك هو في كتابته أو خطابته أو حديثه فإذا أنت قرأته أو سمعته خلت أنه ينهض بك إلى مستوى رفيع.
(وإذا كان ذهنه متجهاً دائماً إلى قوة المعنى ورقة التعبير، فكثيراً ما يجد له حتى في خطبه
الارتجالية وخاصة حينما يكون منفعلاً كلمات تنطبع في ذهنك فتتمثل في ذلك صوراً حية، تشعر بأنك تراها بعينك وتلمسها بيدك. مثال ذلك قوله في مشروع ملنر حينما أختلف الناس (هل هو حماية أو استقلال)