للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العجب إذا عرفت أن الاكدية - وعلى شاكلتها طائفة من اللغات السامية، كالجعزية (الحبشية القديمة) والامحرية (الحبشية الحالية) والمندائية (لغة الصبة) والسورث (الكلدانية العامية) - قد سقطت منها الحلقيات بكثرة أو قلة واستحالت همزة.

فالفعل إذا هو (عرب أو غرب) وفي الاكدية بحذف الحرف والاستعاضة عنه بالهمزة - إلا أن سقوط الحلقيات في الاكدية لا يخلو من التأثير في الحركات الخاصة بها أو المجاورة لها. وعليه فكل كلمة حذفت منها الحاء أو العين أو الغين وقامت مقامها الهمزة فحركة الحلقي وحركة ما يتبعه. إذا كانت فتحة أو كسرة. تتحول إلى حركة إمالة.

مثال أول - (حدشو) ومعناه جديد ويقابله في العربية: حدث. وفي السريانية (حادث) وفي العبرية (خادش) وفي الحبشية (هدس) حذفت منه الحاء وقامت مقامها الهمزة فصار (أدشو) ثم طبقت عليه قاعدة الحركات فانقلبت الفتحتان امالتين فأصبح (ادشو)

مثال ثان - (عربو) وهي الكلمة الدائر البحث عليها وقد رأيت ما يقابلها في بقية الألسن السامية. أسقطت منها العين فعوض عنها بالهمزة فأضحت (أربو) ثم تحولت الفتحتان إلى امالتين فأصبحت (اريبو)

وهذا التأثير سقوط الحلقيات لا يشمل الحركات الخاصة بها فقط بل يتصل بحركات المقاطع القريبة منها نفسها مثاله:

(سمع) عوض (زرع) بدل (أعمال) عوض

وأما النون المتوجة لكلمة نيرب فاصلها ميم كما هو الشان في جميع اللغات السامية التي يقال فيها مثلا: مغرب - ومعربا ومعرب الخ. وإنما قلبت الميم نونا طبقا لقاعدة أخرى مطردة أو كالمطردة في الاكدية - ولا تخلو العربية من اثر لها - وهي مشهورة بين أهل

النحو الاكدي بقاعدة (بارت) وهو المستشرق الألماني الذي كان سبق الجميع في تحقيقها وتدوينها - والقاعدة ها هي ذي: أن الميم الداخلة على الأسماء المستعملة غالبا للدلالة على المكان

<<  <  ج: ص:  >  >>