للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

معه للتجارة والمقايضة بين بابل وأشور وبلاد نائري. فسخر بيروس بلاغته وبيانه وعلمه وثقافته وأفانين خدعه وأساليب مينه لإقناع أجيبي صاحبه وحمله على هذا فكان تارة يطري مقدرة شمشو الشاب وأمانته ونزاهته وطورا يفيض كلاما في وصف الربح المنتظر من هذه التجارة ويسرد أمثالا عديدة ويعدد أسماء تجار بدءوا بأسفارهم إلى البلاد الغريبة برؤوس أموال قليلة فوافقتهم ريح الحظوظ وكسبوا مكاسب طائلة وهم اليوم من أصحاب الثروات العظيمة والأملاك الواسعة والعقارات المترامية الأطراف. ثم يرجع مرة فيكلمه عن الضمان الذي يأخذه عن شمشو عن المال الذي يقرضه وعن الربا الذي يتقاضاه منه عن الدين ألم تنجح التجارة. وقصارى الكلام زين له العمل وأظهره رابحا من جميع الوجوه.

ولما توسم فيه أمارات التردد زاد كلامه قائلا: (أن حدثتك نفسك بخوف يا أجيبي وخشيت عواقب عملك فما لك إلا أن تدخل الهيكل الآن وتستشير الإله. فدخل كلاهما واخذ بيروس قنينة فيها زيت مقدس وبعد أن قام بفرائض الدين صب بعض قطرات من ذلك الزيت في حوض ماء واخذ ينظر في الأشكال التي أحدثتها تلك القطرات وصور انتشارها على وجه الماء فتحقق حسن العاقبة فأفضى به إلى أجيبي وهداه عن حسن المآل. فما كان من صرافنا

إلا النزول على إرادة الكاهن الكلداني.

فسر بيروس كل السرور لقطعه الخطوط الأولى من سبيل تدبيره الشيطاني وذهب لساعته إلى شمشو واظهر له من عواطف الحب والإخلاص ما حمله على الاعتقاد أن الرجل يبذل مساعيه ويسخر ما لديه من الحول والقوة لتشييد صرح مستقبله على أسس مكينة. وبعد أن ساد السكوت بينهما هنيهة قال بيروس: لماذا لا تتعاطى التجارة؟

شمشو - أنت تعلم إنني خسرت خسارة عظيمة بفقداني غلات أراضي في سنة الغرق إذ فاض الفرات وسالت المياه في المزارع والحقول وجرف السيل كل ما كان في طريقه من نبات وحيوان وإنسان وخرب الجداول والترع وطماها بالغريل. ولم تقف نكبتي عند هذا الحد بل أن الفرات خرج

<<  <  ج: ص:  >  >>