للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلما تأت عنا العشيرة كلها ... أنخنا فحالفنا السيوف على الدهر

ولعل الفارسية أتيت من قبل إنه لا يتفق بين جيلها مثل هذا الوضع الذي عناه الشاعر البدوي المتحمس.

كما أن اللغة العربية تتجافى عن تهيئة لباس مناسب لمضمون بيت الكلستان:

أي مرغ سحر عشق زير وانه بياموز. . .

أي: يا طائر السحر تعلم العشق من الفراشة. . .

لأن اللغة العربية وضعت للطائر الصغير الذي يسميه الفرس (بروانه)، لفظة (فراشة) والفراش يطلق في عرف العرب على الهمج بصورة عامة فاندمج في هذا العموم ذلك الطائر الجميل فيكون في تكليف طائر السحر الاقتداء به في مذهب العشق بخس لحقه وحط من قدره وهذا مما يأباه الذوق العربي السليم.

نعم لو كان في العربية أسم خاص بهذا النوع من الهمج بحيث يميزه عن هذه الحشرات الخسيسة وينوه بشأنه كما سماه العامة من أهل الموصل ومسلمي بغداد (طائر الجنة) لما كان في تكليف طائر السحر الاقتداء به غضاضة في نظر الأدب.

ويقال بصورة عامة: أن الجمل التي يدور عليها البحث قدت على قدر اللغة أو اللهجة، وصبت في قالب ملائم، فإذا أنزلت في قالب لغة أو لهجة أخرى من دون تعديل، كانت كالثوب الذي قطع لشخص فارتدى به شخص آخر.

وهذا التمانع المحسوس بين اللغات واللهجات، ليس جاريا في جميع نواحي الكلام، بل إنك لتجد تماسا قويا في بعضها، فقول الشاعر الفارسي:

جهان أي برادر نماند بكس. . .

مماس لقول الشاعر العربي القديم:

أشاب الصغير أفنى الك ... بير كر الغداة ومر العشي

إذا ليلة هرمت يومها ... أتى بعد ذلك يوم فتي

حتى في الوزن، ولا غرو فإن للأوزان علاقة قوية بمواضيع الشعر، ومثله

<<  <  ج: ص:  >  >>