فكل ما أنظم فيه من وصف وغزل وبحث وفلسفة وتأبين وغير ذلك قريب إلى نفسي لأنه منتزع منها وإن يكن بعضه صادرا عنها في أحوال هدوئها وتأملها والبعض الآخر صادرا عنها في أثناء ثورتها وانفعالها.
س - وكيف تطبق تفسيرك هذا على ما تنظمه من روايات غنائية وقصص مثلا؟
ج - إني لم انظم شيئا من هذا القبيل لم ترتح إليه نفسي غاية الارتياح من قبل، وعند نظمي استمد من اختباراتي وعواطف حبي السابق ومشاهداتي وغير ذلك من ذخيرتي الذهنية ما يعينني على اختيار التعابير والألفاظ المناسبة وتصوير المواقف المطلوبة، فليس للصناعة أثر في ذلك وإنما الفضل يعود إلى تذكاراتي النفسية وتجاريبي وتأملاتي في الحياة.
س - وما هي أحسن الأوقات لديك لقرض الشعر؟
ج - كثيرا ما استطبت النظم عند الفجر أو في سكون الليل، وكثيرا ما استطبته أثر انفعال شديد ترويحا عن نفسي، وكثيرا ما استعذبته إثر راحة، وكثيرا ما شكرت للشعر فضله علي حينما أحس بانقباض وإعياء وبدلا من الانتفاع بالهدوء حينئذ فإن النظم يكاد يذهب بتعبي! ومن هذا ترى إنه من الصعب علي الإجابة على سؤالك، فإن قرض الشعر لمثلي رياضة نفسية والهام، ومتى جاش في صدري في أي وقت فليس في إمكاني حبسه، وإلا شعرت بانقباض شديد وألم دفين واعتلت صحتي.
س - وكيف إذن تنظم الشعر؟
ج - قبل النظم تتشبع نفسي بموضوعه وتتألف في ذهني وحدته وحينئذ أبادر إلى النظم، وسواء تم ذلك في جلسة أو أكثر فلا يمكنني التوقف الطويل ولا أحس براحة قبل الفراغ مما اعتزمت نظمه وعادتي في نظم القصيد إتمام نظمي في جلسة واحدة، إذ ما دمت متشعبا من موضوعي فإني اعتبر الأصلح لمثلي الكثير الشواغل اجتناب التسويف منعا
لتشتت ذهني، ودفعا لضياع ما في خاطري من معان وتأملات، خصوصا وإن لدي من المتاعب والمشاغل ما يستنفذ مني