للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وماء حسني الرقراق كانا يؤثران في نفوس القوم.

رجعت مساء إلى المأوى فاخذ (البير) جميع ما حصلته من الدراهم في ذلك النهار وأطعمني ما أطعم الدراويش فبقيت على تلك الحالة مدة شهرين، تعلمت في خلالها الأدعية والقصائد والأسرار وكان ذلك البير رجلا صالحا طيب القلب، عفيف النفس صمم يوما على السفر وشد الرحال إلى طهران وأناب في مكانه الدرويش الذي صحبني من شيراز إلى خراسان وكان رجلا ماكرا خبيثا يستعمل الأفيون.

رجعت مرة إلى الخان الذي يأوي إليه الدراويش. اغا در آن روز خيلي نياز داشتم، وكان محصولي كثيرا فأخذ ما كان معي من الدراهم. ولما جن الظلام جاء ذلك الماكر الملعون إلى غرفتي وجلس إلى جانبي واخذ يحادثني على عادته فشكوت إليه فراق أبي وأمي وأخي، فقال. وقد برقت عيناه من المحال أن ترجع إلى شيراز، أو تترك الدروشة وإن حدثتك نفسك بترك الطريقة تقتل لا محالة. وكان قد مضى الهزيع الثاني من الليل. وكان

الخان الذي يلجأ إليه الدراويش بعيدا عن البلدة نحو فرسخ واحد. وهو وقف أحد الأخيار على الفقراء وكان خاليا ليس فيه أحد سواي والدرويش ودرويش آخر كان مريضا يعاني سكرات الموت. وكان ذلك الدرويش اللعين نائما بجنبي وعند منتصف الليل انتبهت مذعورا إذ قد وجدته يدب إليّ.

ثم ضحك الدرويش (بي بروا) ضحكة الساخر المتهكم وقال: بدرسوخته خيلي بي بود. كان ابن المحروق قليل الحياء. . . ولهذا سئمت من البقاء معه وأخذت عروضي وخرجت بها من ذلك المأوى بعد أن ضربته ضربا وجيعا.

وذهبت توا إلى ضريح الإمام علي بن موسى الرضا (ع) ونمت عند عتبة الصحن الشريف مع الفقراء والمساكين ولما انبلج الصباح لجأت إلى داخل الضريح وصليت وصممت على السفر إلى بلدي شيراز فذهبت في الحال إلى السوق وبعت أدوات الدروشة مثل القدوم وابتعت ثيابا معتادة ورجعت إلى الصحن. ولما وصلت إلى عتبة المزار المقدس شعرت بضربة عصا غليظة على ظهري فنظرت وإذا الدرويش الذي أشبعته أمس لكما وضربا مع جندين وجمع من ذوي العمائم السوداء والبيضاء. فصاح الدرويش (بكريد إين كافر بابي را) أي (خذوا هذا الكافر

<<  <  ج: ص:  >  >>