البابي) فمسكني الجنديان وشدا وثاقي ثم انهال علي الناس يضربوني بعصيهم وأيديهم وأحذيتهم وحصبني الأطفال عند مروري في السوق وبعضهم كان يبصق في وجهي وكنت أصرخ واستغيث وأقسم الإيمان واغلظ في القسم متبرئا من البابية وليس من مجيب أو مغيث وكان أحدهم يصرخ: اقتلوا هذا الكافر الوقح والآخر يقول أحصبوا هذا الغراب، ارجموه بالحجارة حتى يموت وكانت الجموع تتدفق تدفق السيل لتنال الأجر من الله في ضربي وإهانتي. وفي أثناء هذا الهياج رأيت أحدهم يشق الصفوف حتى دنا مني وخاطب الجنديين والناس قائلا كفوا عن ضرب هذا الفتى وارحموا هذا المسلم إلا تسمعون إنه يتبرأ من البابية فلعل الذي وشى به كان كاذبا ثم قاله لهما: إنكما أن لم تمنعا الناس عن ضربه وظهرت براءته يصبكما عقاب من الحكومة: فضلا عن عقاب الله وسخطه فلما سمع الجنديان كلامه فرقا الجموع ومنعا الناس عن الدنو مني إلا أن ذلك الدرويش الملعون كان يصرخ بالويل والثبور ويركض تارة أمامي وطورا ورائي يلطم صدره ورأسه ويقول واد يناه! وامحمداه! واشريعتاه!
ساقني الجنديان إلى بيت أكبر عالم في طوس والناس يقتفون اثري ولما دخلت الدار شاهدت في فنائها نيفا وخمسين رجلا من المعممين وقد توسطهم رجل ذو عمامة بيضاء يلوح الوقار على سيمائه فعلمت إنه المجتهد فأسرعت نحوه وأكببت على يده اقبلها وقلت بأعلى صوتي (لا اله إلا الله محمد رسول الله علي ولي الله).
جناب اغاي آية الله حجة الإسلام والمسلمين من مسلم غريبم بابي نبستم سيعه أم الحمد لله.
أي: يا أية الله وحجة الإسلام والمسلمين أنا مسلم وغريب ولست بابيا أنا شيعي والحمد لله ثم انحنيت على رجله اقبلها وتلوت الشهادة مرات وكنت على وشك أن الفظ أنفاسي الأخيرة من شدة ألم الضرب الذي لحقني فأمر المجتهد أن احبس في بيته فأخذني الخدم إلى سرداب مظلم كادت الرطوبة تقوض أركانه وتهدم حيطانه وعند الظهر جاءني أحد الخدم ورفسني برجله وسبني ووضع أمامي كوزا من الماء ورغيفا من الخبز اليابس وصحنا فيه (آش) ولما كان