للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد راجعت هذه الصفحة فلم أجد فيها ذكرا لدير البغل. وغاية ما هنالك إنه كان في دير القصير بمصر بغل يستقى عليه الماء فليس ثم أقل إشارة إلى دير كان يعرف في القرن السادس للهجرة بدير البغل. وأول ما وقفت على هذا الاسم كان في بعض تواريخ مصر في القرن الثامن. قال المقريزي في كلامه عن الملك ارقاديوس حين تطلب ارسانيوس لتعليم ولده بعد أن تحول إلى جبل المقطم (فبعث إليه ارقاديوس فإذا هو قد مات فأمر أن يبنى على قبره كنيسة وهو المكان المعروف بدير القصير ويعرف الآن بدير البغل من أجل إنه كان به بغل يستقى عليه الماء فإذا خرج من الدير أتى المورد وهناك من يملا عليه فإذا فرغ من الماء تركه فعاد إلى الدير) (الخطط ص ٥٠٢ - ٥٠٣) فالديران إذن واحد وقد وهم العمري في التمييز بينهما وتعيين كل منهما على حدة كأنه قائم بنفسه. ومن الغريب أيضاً إنه زعم أن بهذا الدير دير البغل جمائع من الرهبان اليعاقبة. مع إنه ما برح موطنا لرهبان الروم الملكية.

ومن أسماء الديارات التي نقل العمري تحديدها عن الشابشتي وخالفه قليلا في رسمها فكان هذا الخلاف داعيا لوهم الأستاذ فيها: دير مار يوحنا. وقد كان في الأديار ديران عرف كل منهما بهذا الاسم ولكن فرق بينهما في الرسم. الأول على جانب تكريت على دجلة. وهو المشهور بدير مريحنا (بياء قبل الحاء) ذكره الشابشتي في ديارات العراق (ورقة ٧٤) وانشد فيه أبياتا لعمرو بن عبد الملك الوراق أولها:

أرى قلبي قد حنا ... إلى دير مريحنا

ونقله عنه ياقوت (ج ٢ ص ٧٠١). والآخر على شاطئ بركة الحبش بمصر وكان معروفا بدير مرحنا (بحاء دون ياء) وفيه يقول ابن عاصم من قصيدة:

اقرأ على دير مرحنا السلام فقد ... أبدى تذكره مني صباباتي

وهو في الشابشتي (ورقة ١٢٧) وفي ياقوت (ج ٢ ص ٦٩٨) ولو راجع الأستاذ أحد هذين

الكتابين لتبين له الفرق ولكنه اعتبر مجرد الرسم وذكر في تعليقه على دير شاطئ الحبش. أنظر ياقوت (ج ٢ ص ٧٠١) مع أن المذكور في هذه الصفحة هو الدير الذي على دجلة فاقتضى التنبيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>