للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولم يجيء الغرقان، بل جاء الغرق والغريق والغارق ولعله أخذه من العامية وقال:

يا أملح الناس هلا كنت أكبرهم ... روحا فيتفقا روح وجثمان

وقوله (فنيتفقا روح وجثمان) على لغة (أكلوني البراغيث) وقال ص ٤٥:

أن أصبح القرد في خلق يماثله ... ففي خلائقه لا شك برهان

أراد بهذا البيت أن يؤيد ما ادعاه قبل بيت من أن الإنسان ليس من قرد بل من ثعبان (؟!) ولكن اللفظ قصر عما أراده. وقال:

لا يجهل الخير أدراهم وأجهلهم ... ففيم عالمهم بالشر كظان

ولم يجئ (كظان) بل الذي جاء هو كظ وكظيظ. وقال:

ما زال يحرمني دهري ويوهمني ... حتى غدا وهو بالأوهام ضنان

فما أسخف المعنى ولم يجئ ضنان مبالغة في ضنين. وقال:

فعش كما شاءت الأقدار في دعة ... لا يجرمنك بر الناس أو خانوا

فحذف فاعل (يجرمنك) وهو عمدة لا تحذف وقد جاء في القرآن (لا يجرمنكم شنئان قوم على أن لا تعدلوا). وقال:

من عاش في غفلة طاب البقاء له ... وإن تولته بالأرزاء حدثان

والحدثان مذكر فلا يجوز تأنيث الفعل له (تولته) إلا من باب التأويل. وقال ص ٤٦:

بلى ولا تلق منها إذ تقلدها ... فريدة نبذها للموت خسران

والظاهر أن (تقلدها) مضارع قد حذفت إحدى تاءيه فحينئذ لا مسوغ لتصد بره ب (إذ) لأن هذه مختصة بالماضي. وإن كان (تقلدها) ماضيا فإنها من غير فاعل.

وقال:

يا واهب الليل بدرا هب لمشبهه ... بدرا يضيء له والقلب غيمان

وكأن الأستاذ في هذا البيت قد سقط من السطح، فمن مشبه الليل الذي أخذ يدعو الله أن يهب له بنوا مثل بدر الليل ثم أي قلب هذا الهيمان؟ - أهو الأسود الذي دعا الله أن يهب له بدرا أم قلب الأستاذ نفسه؟ - هذا ما لا يظهر. وقال من قصيدة (صلاة عابد المال) ص ٤٦:

سكنوا في الحياة تحت الحنايا ... وسكنا مناطق الجوزاء

الحنايا جمع حنية وهي القدس، ولعله أراد بالحنايا أقواس البناء توسعا

<<  <  ج: ص:  >  >>