للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(صنم) أنت شجاع أنت أكلت أعداءك. . . أنت تأكل الشمس حين يلزم!. . .

أنت أجرأ وأقوى من الأسد وأسلس من الفهد. أنت قدت عساكرك وسط الأدغال إلى افتتاحات، هي عظيمة أي عظم، حتى أن (الداهومي) ما هي بالنسبة إلى مملكتك سوى قرية!. .

أنت قهرت القيصر عدوك، وأنت أعطيته السم القاتل. . . الثعابين المقدسة كانت معك، وأنت ضغطت على هذا المتغطرس حتى كدت تخنقه. . . فاسعد الآن. . وابسط نفسك. . اضحك. . اضحك. . فساعة الضحك والانبساط آذنت، بعد أن تدفقت الدماء كالينابيع. .

!)

فهنا نجد أن الشعر لم يوجد فقط بين المتمدنين بل هو متأصل في نفس كل إنسان متمدن أم متوحش، فالعواطف واحدة وإن تختلف باختلاف البيئة فالأكراد محادثاتهم أكثرها تقريبا أشعار أو أمثال شعرية تسبك جملا، يتفاهمون بها، ويتعاملون بينهم، وهم يشابهون العرب البداة، في معنى انهم شديدو الإحساس، لطاف الشعور، دقاق الادراك، ويماثلونهم، أيضا، في كلامهم إذ فيه خشونة الصحراء وعنجهية البادية، (وعلام كانت تقوم الحياة العربية في بداوة العرب وأول عهدهم بالإسلام؟ على الشعر ونستطيع أن نقول على الشعر وحده. فالعرب واليونان يتشابهون من هذه الجهة تشابها كاملا، تستطيع أن تبحث عن فلاسفتهم، وحكمائهم وقادتهم وساستهم ومديري أمورهم الاجتماعية أيام البداوة فلا تجد إلا الشعراء ثم تستطيع أن تبحث عن فلسفتهم ودينهم، ونظمهم المختلفة وحياة عقولهم وعواطفهم فلا تجدها إلا في الشعر - الشعر إذن هو أول مظهر من مظاهر الحياة الاجتماعية القوية لهاتين الأمتين؟ وتستطيع أن تقول في غير حرج أن الشعر هو أول مظهر من مظاهر الحياة الاجتماعية لكل الأمم المتحضرة التي عرفها التاريخ وأذن فالشعراء هم قادة الفكر في هذه الأمم تأثروا بحياتها البدوية فنشئوا ملائمين لها وتميزت شخصياتهم فأثروا في من حولهم ثم في الأجيال التي خلفتهم).

<<  <  ج: ص:  >  >>