للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لأرجعن اليوم ذات المبسم ... بنت لكيز الوائلي الأرقم!

(وقد زعم بعض الثرثارين المتفيقهين أن الشعر العربي سبق الإسلام، بمئين من السنين بل سبق ميلاد المسيح بأجيال عديدة حتى نسبوا منه نتفا إلى زمن نبي يدعونه هودا يزعمون أنه عاش قبل إبراهيم الخليل والألف الثالث قبل المسح وأمعن غيرهم في غلوهم وأوهامهم فرووا لآدم أبي البشر أبياتا رثى بها على رأيهم ابنه هابيل القتيل، فعارضه إبليس الرجيم.

تلك مزاعم يضحك منها العلماء ويضرب بها عرض الحائط بل كل من له أدنى إلمام بتاريخ اللغات عموما واللغة العربية خصوصا) وأننا نورد ههنا من ذلك الشعر الذي ينسبه أولئك الجهال إلى آدم منها:

تغيرت البلاد ومن عليها ... فوجه الأرض مغبر قبيح

وقابيل أذاق الموت هابي ... ل واحزنا! لقد فقد المليح!

فما لي لا أجود بسكب دمعي؟ ... وهابيل يضمنه الضريح!

أرى طول الحياة علي غما ... وما أنا من حياتي مستريح!

وبلغت بهم الجهالة أقصاها فنسبوا لإبليس الرجيم الأبيات التالية يعارضه ويذكر كيف أسقطه من النعيم:

تنح عن البلاد وساكنيها! ... ففي الجنات ضاق بك الفسيح

وكنت بها وزوجك في هناك ... وقلبك من أذى الدنيا مستريح

فما زالت مكايدي ومكري ... إلى أن فاتك الثمن الربيح.

فلولا رحمة الجبار أضحى ... بكفك في جنان الخلد ريح!

ويؤيد قولنا هذا اتفاق الكتبة الأقدمين عليه، فالجاحظ في كتاب الحيوان (٢٧: ١) يقول (أما الشعر فحديث الميلاد، صغير السن أول من نهج سبيله وسهل الطرق إليه امرؤ القيس بن صجر ومهلهل بن ربيعة. . . فإذا استظهرنا الشعر وجدنا له إلى أن جاء الله بالإسلام، خمسين ومائة عام وإذا استظهرنا بغاية الاستظهار فمائتي عام) وهذا بحسب ما نظنه اقدم سبقنا فأوردنا البراق كمثل وكأقدم شاعر عربي معروف.

<<  <  ج: ص:  >  >>