للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يلجلج لقمة في فمه ويمضغها شديدا يستوجب الالتفاف أنه أيها القارئ كان قد اعد (مربى من الزنجبيل) ولا شك في أن طعمه حريف. ولكن المنية حركت عليا فسأله قائلا:

ما تأكل يا محمد باقر؟ أجابه (آكل مرباة من الزنجبيل طيبة الطعم كثيرة الطراوة مفيدة للبدن فهل لك إلى أن اقدم إليك قطعة جيدة لترى صدق قولي؟) فقال علي: (نعم ناولنيها) فناوله قطعة قائلا له: استرطها يا علي استراطا سريعا لئلا تحس بحرارتها ولا تلجلجها.

أنه امرؤ لعين بل لشيطان بشري عرف أن عليا إذا لجلج هذه الأكلة بفمه لم يسغها لوجود السم فيها ولذلك قال له: (استرطها).

استرطها علي من دون لجلجة أو ترديد اتباعا لنصيحة ذلك المجرم الأثيم والجاحد الزنيم وبعد ساعة أخذ العرق يتصبب من جميع جسمه ثم جرى السم في دمه فعم جسمه وهو يتضجر ويتكسر ويضطرب ويتضور. ولما أحس محمد أن وحشيته قد لاحت بوادر نجاحها احتمل (عليا) بسيارة موجها شطر بلد (الشاه عبد العظيم) فوصله ذلك النهار وكانت الآلام

قد ضغطت عليلا ضغطا مهلكا ففارق الدنيا قبل غروب الشمس في اليوم ال ٢١ من رمضان لائذا بربه الشفيق مستئثرا من هذا الزنديق. شعر محمد باقر بموته وهما غريبان فهب يبكي ويصيح ويعول إعوال الجريح قائلا نادبا (وا ابن أختاه! وا عزيزاه! يا قطعة كبداه! ويا حزناه!) وأرسل الدمع من عينيه مدرارا. فاجتمع الناس حوله واضطربت قلوبهم من اجله وهو لا ينفك يصرخ (يا أيها الناس! وا مصيبتاه! هذا المتوفى ابن أختي قد فقدته! وله أخ قد توفاه الموت في مدينة (قم) قبل نيف من الأيام اللهم ما هذه المصائب والفجائع؟ وما أقول لأختي في العراق التي أرسلتني خلف ولديها العزيزين لآتي بهما إليها سالمين؟) ثم يعقب ذلك بلطمات على وجهه ودمغات على هامته وبكاء طويل وعويل. أنه لعالم أن لا ينجو من هذا الموبق ولا يفوز إلا بأن يضرب أخماسا لأسداس بين هؤلاء الناس وقد

<<  <  ج: ص:  >  >>